الجمعة، 15 مايو 2009

5- وحدة العلم الانساني

5 - وحدة العالم الإنساني:-
ان جميع أمم العالم في نظر البهائية أخوة رغماً عما تصوره المتصورون من عوامل التفريق والتمييز الوهمي.
والواجب في أمر التفضيل عند البهائي أن يكون قائماً على التربية والتعليم ويجب على الكاملين والفضلاء من أعضاء الهيئة الاجتماعية البشرية أن يسدوا هذا النقص - نقص الجهل والخلو من التربية - فيجب والحالة هذه تعليم الجهال وتربيتهم والأخذ بيد المتأخرين في ميادين الحياة وإنهاضهم الى المستوى اللائق ولا يصح بحال من الأحوال الاستهانة بهم وإهمال أمرهم.
ان أشهر تعاليم بهاءالله وأهم مبادئه في هذا العصر الجديد هو اعلان "وحدة عالم الانسان" ولقد نادى بهاءالله بهذا المبدأ وأعلنه في وقت كانت الإنسانية غارقة في لجج التعصبات المانعة لمثل هذا النور الذي جاء به ليكشف عنها ظلمات العداوة والتفريق بين أفرادها.
خاطب بهاءالله أبناء العالم بقوله:-
"كلكم أثمار شجرة واحدة وأوراق غصن واحد"
ونادى أيضا:
"ليس الفخر لمن يحب الوطن بل لمن يحب العالم"
_________________________
(*) مترجم عن مجلة نجمة الغرب، المجلد الثامن، العدد الثالث، الصفحة 4.

فأشهر تعاليمه وأسماها اتحاد بني البشر وجميع الخلق في الله. ومن ذلك ايضا
تتبين وجهة الاتحاد بين الدين الحق وبين العلم وتتجلى وحدة الكون وارتباط أجزائه بعضها ببعض فأبحاث علماء الفلك مرتبطة مع أبحاث علماء الطبيعة والكيمياء والتاريخ وعلم النفس والاجتماع ارتباطاً لا انفكاك فيه، فكل اكتشاف جديد في أي نوع منها يضيء بنوره على الأنواع الأخرى فكما اظهر العلم الطبيعي أن كل ذرة من هذه الذرات في هذا الكون قد تجذب وتؤثر على الذرات الأخرى مهما كانت بعيدة وصغيرة، كذلك علم النفس قد أثبت أن كل روح في عالم الكون ترتبط بالأرواح الأخرى وتؤثر عليها. وقد أشار البرنس كروباتكين في كتابه (المساعدة المتبادلة) الى ان المساعدة المتبادلة أمر ضروري لاستمرار الحياة حتى بين صغار الحيوانات، فكل فرد يعيش للمجموع والمجموع يعيش لكل فرد، وهذه هي القاعدة الوحيدة التي على مقتضاها يقدر العالم أن يعيش في رغد من الحياة.
ان جميع علامات الأزمان تدل على اننا الان في فجر عصر جديد في تاريخ الجنس البشري يصح تسميته "عصر وحدة العالم الإنساني" او "عصر الاتحاد". وان فرخ نسر الإنسانية معلق للآن بوكر صخرة الأطماع المادية القديمة الصماء، فهو للآن يخاف من بسط أجنحته للطيران مع انه كان من قبل يشتاق الى أمر أعلى وأجل مما كان فيه فهو يتردد في ضيق التقاليد والأوهام القديمة، ولكن الان انتهى عصر ذلك الضيق فهو قادر الان على الطيران بأجنحة الايمان والعقل الى العوالم العليا، عوالم المحبة والوحدة، والحقيقة الروحانية، ولن يعود يتقيد بالتراب كما كان قبل نمو أجنحته، بل يصعد في هواء الفضاء الوسيع المطلق والحرية التامة والوحدة الشاملة، ولا يلزمه الا أمر واحد وهو أن يكون طيرانه محققا وباستمرار فلا يلزمه فقط أجنحة قوية، بل ان تسير هذه الأجنحة في الفضاء بالتوازن والتساوي التام.
وفي رسالة لبهاءالله خاطب أهل العالم بقوله (مترجما):
"قد ارتفعت خيمة الاتحاد، فلا تنظروا بعضكم بعضا كغرباء، أنتم جميعاً أثمار شجرة واحدة وأوراق غصن واحد،.. ليس العالم الا وطن واحد والبشر سكانه..." (لوح مقصود).
وشبه عبدالبهاء أبناء البشر بأزهار حديقة واحدة حيث يقول (مترجما):
"لاحظوا أزهار الحدائق فمهما اختلف نوعها وتفاوت ألوانها وتباينت صورها وتعددت أشكالها انها لما كانت تسقى من ماء واحد وتنمو من هواء واحد وتترعرع من حرارة وضياء شمس واحدة فان تنوعها واختلافها يكون سببا في ازدياد رونقها وجمالها. وكذلك الحال اذا برز الى حيز الوجود أمر جامع - وهو نفوذ كلمة الله - اصبح اختلاف البشر في الآداب والرسوم والعادات والأفكار والآراء والطبائع سببا لزينة العالم الإنساني". (خطب عبدالبهاء طبع بيروت، ص 6)
ان مبدأ وحدة العالم الإنساني هو المحور الذي تدور حوله تعاليم بهاءالله بل هو في الواقع هدفها الأعلى الرفيع، يقول عبدالبهاء (مترجما):
"كل عصر كان نور الهداية الإلهية َسلطاً على موضوع أساسي واحد، وفي هذا الدور العجيب والقرن المجيد أساس دين الله وطلعة شريعته النوراء معرفة وحدة البشر".
ويقول ايضا في مقام اخر (مترجما):
"ان جميع البشر هم عباد الله الأكبر، وان الله خالق الكل ورازق الكل ومحيي الكل، كما انه رؤوف بالكل، وجميع الناس يكوّنون الجنس البشري، فالتاج الإنساني زينة لكل رأس وخلعة الموهبة الإلهية لكل هندام والكل عباد الله وهو بهم جميعا رؤوف رحيم وعنايته تشمل الكل... وكل ما في الأمر ان بعض الناس ما زالوا كالأطفال لم يصلوا الى مرحلة البلوغ، وهؤلاء يجب علينا ان نربيهم حتى يبلغوا أشدهم، او ان بعضهم مرضى يجب علينا ان نعالجهم حتى يظفروا بالشفاء، او ان بعضهم جاهل يجب تعليمهم حتى يعلموا ويدركوا، ولا ينبغي ان نعتبر هؤلاء أشراراً وننفر منهم، بل يجب علينا أن نكون أشد رأفة بهم لانهم أطفال أو مرضى أو جهلاء". (خطب عبدالبهاء طبع بيروت، ص 157-158)
ويقول عبدالبهاء في مقام اخر (مترجما):
"... ولو ان الوفاق والاتحاد كان مؤسساً في الأدوار الماضية، الا انه بالنظر الى غياب الوسائل ما كان يمكن تحقيق وحدة عموم البشر فقارات العالم بقيت مقسمة تقسيماً كبيراً، وحتى بين شعوب القارة الواحدة كان التعاون والتبادل الفكري يكاد يكون مستحيلا، ولذلك كان التعامل والتفاهم المشترك والاتحاد بين شعوب الارض ومللها كافة غير ممكن. أما اليوم فقد ازدادت وسائل المواصلات وصارت القارات الخمس في الحقيقة قارة واحدة... وهكذا الحال ايضا بين أفراد العائلة الإنسانية شعوبا وحكومات، مدناً أم قرى، أصبح اعتمادها على بعضها البعض يزداد لان الاكتفاء بالذات غير ممكن طالما ان الروابط السياسية توحد الأمم والشعوب كافة، والعلاقات التجارية والصناعية والزراعية والعلمية تزداد قوة في كل يوم.
من هنا نرى ان اتحاد البشر أمر ممكن في هذا اليوم... انظروا كيف يشرق نوره الآن على أفق العالم !... فالمصباح الاول هو الاتحاد في عالم السياسة وبوادر تلألئه يمكن مشاهدتها اليوم... والمصباح الثاني هو الاتحاد الفكري... وسيشاهد تمامه على مر الأيام، والمصباح الثالث هو الاتحاد في الحرية وهذا سوف يتحقق بالتأكيد والمصباح الرابع هو الاتحاد في الدين وهو الحجر الأساسي وسوف يظهر بقدرة الله في أشد سطوع وضياء. والمصباح الخامس هو وحدة العالم، الوحدة التي سوف تتأسس بكل طمأنينة في هذا القرن وفيها يرى شعوب العالم كافة أنفسهم سكان وطن واحد. والمصباح السادس هو وحدة الأجناس، وبه يصير كل من على الارض شعوبا وقبائل لجنس واحد. والمصباح السابع وحدة اللغة، بمعنى اختيار لسان عام تتعلمه الشعوب كافة وتتحادث به. وجميع هذا كائن بما أن قوة ملكوت الله سوف تعاون وتساعد على تحقيقه".
(معرب من مكاتيب عبدالبهاء، الجزء الاول، ص 356-358)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق