الجمعة، 15 مايو 2009

معلومات غريبة لكنها مفيدة

إذا أصابتك حكة أو دغدغة في الحنجرة، افرك أذنك
لأن هناك أعصاب محفزة في الأذن، وعند حك الأذن تقوم بعمل رد فعل في الحنجرة
يمكن أن يسبب تشنج العضلة، هذا التشنج يخفف الحكة المزعجة أو الدغدغة
الدكتور سكوت شافير، رئيس مركزا لأذن والأنف و الحنجرة في نيوجيرسي
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هل تخاف من الحقنة؟
بإمكانك التخلص من الخوف والألم معاً عن طريق السعال أثناء اخذ الحقنة
حيث اكتشف باحثون ألمان بان السعال أثناء الحقن يقلل الألم لان السعال يسبب
ارتفاع مؤقت مفاجئ في ضغط الصدر والقناة الشوكية ويمنع تركيب إجراءات الشعور بالألم في الحبل الشوكي
تاراس اوزشينكو، مؤلف دراسة الظاهرة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تخفيف احتقان الأنف
هل تعاني من احتقان الأنف المزمن ولم تنفع معك الأدوية
للتخفيف من ضغط الجيوب قم بدفع لسانك ضد سقف فمك بالتناوب
ثم اضغط بين حواجبك بإصبع واحد
هذا يسبب هز عظمة فومر التي تمر عبر الممرات الأنفية إلى الفم
وهذه الهزات تسبب تحرك الاحتقان، بعد20 ثانية ستشعر بأن الاحتقان بداء بالتحلل
ليسا ديستيفانو، أستاذ مساعد في كلية ولاية ميشغان الجامعية
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عالج الم الأسنان دون فتح فمك
جرب فرك قطعة ثلج على باطن يدك على المنطقة الغشائية على هيئة V بين إبهامك وسبابتك
لأن هناك توجد ممرات الأعصاب التي تحفز الدماغ وتمنع إشارات الألم الصادرة من الوجه والأيدي
دراسة كندية
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تخلص من آثار الحروق
عندما تحرق إصبعك عرضياً على فرن الغاز، نظف الجلد واضغط بشكل خفيف على مكان
الحرق بأصابع يدك الأخرى. الثلج سيخفف ألمك بسرعة أكبر. لكن الطريقة الطبيعية ستعيد
الجلد المحروق إلى درجة الحرارة الطبيعية، فيصبح الجلد أقل تشوهاً
ليسا ديستيفانو، أستاذ مساعد في كلية ولاية ميشغان الجامعية
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
حتى لا تصاب بالدوخة
ضع يدك على شيء ثابت لان اليد تحتوي على أعصاب تعطي الدماغ مؤشر بأنك متوازن
بعكس الإشارة التي ترسلها القوقعة الجزء المسئول عن التوازن في الأذن
يعوم الجزء المسئول عن التوازن في سائل من نفس كثافة الدم بينما يخفف الكحول الدم فيصبح أقل كثافة وترتفع القوقعة مما يسبب الدوخة
الدكتور سكوت شافير، رئيس مركز الأذن والأنف و الحنجرة في نيوجيرسي
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
خفف وخز الألم في جانبك الأيمن
هل تشعر بوخز مؤلم عندما تركض؟
هذا لأنك تخرج الهواء 'تزفر' بينما تضرب قدمك اليمنى الأرض مما يضع ضغطاً على كبدك الموجود
على الجانب الأيمن من الجسم ويسبب شداً للحجاب الحاجز الذي يرسل أشارة بوخز جانبي
ببساطة تعلم أن تزفر عندما تضرب قدمك اليسرى الأرض
كتاب العلاج المنزلي
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أوقف نزيف الدم من الأنف
إذا كنت تريد الاختناق بدمك أغلق انفك وارجع رأس للخلف
أما الطريقة الصائبة فهي وضع قطن على لثتك العليا التي تقع أسفل الأنف واضغط عليه بقوة
لماذا؟
يأتي أكثر النزف من جبهة الحاجز، جدار الغضروف الذي يقسم الأنف، والضغط عليها يوقف النزيف
بيتر ديسماريس اختصاصي أذن وأنف وحنجرة في مستشفى اينتابيني، في ديربان، جنوب أفريقيا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اجعل قلبك يتوقف
هل تريد أن تهدأ ضربات قلبك ؟ انفخ على إبهامك
لماذا؟
يمكن السيطرة على عصب فاغو الذي يتحكم بمعدل نبضات القلب، من خلال التنفس
وسوف تستعيد معدل نبضات قلبك إلى الوضع الطبيعي
بن أبو ، اختصاصي خدمات طبي طارئِ في جامعةِ بيتسبيرج
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
حافظ على بصرك
البصر الرديء سببه وراثي ولكن الاستعمال الخاطئ للعيون أيضاً يسبب ضعف البصر
مثل التحديق المستمر في شاشات الحاسوب، وللتخفيف من هذه المشكلة يمكنك القيام بهذا التمرين البسيط
بعد كل ساعة، قم بأخذ نفس عميق، وأغلق عيونك، ثم انفخ الهواء وأرخي جميع عضلاتك
كرر هذا التمرين وستشعر بأن الضغط على عيونك قد خف

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التخلص من النمنمة
إذا شعرت بأن يدك أو قدمك نمنمت، قم بتحريك رأسك من جهة لأخرى
سيزول شعور الدبابيس بشكل غير مؤلم في أقل من الدقيقة
لماذا؟
تمر في الرقبة حزمة الأعصاب الرئيسية، فإذا قمت بتحريك عضلات رقبتك سيقل الضغط على الأعصاب
ليسا ديستيفانو، أستاذ مساعد في كلية ولاية ميشغان الجامعية
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تنفس تحت الماء
إذا كنت تريد الغطس بسرعة إلى قاع البركة، قم بأخذ شهيق وزفير سريع ثم اقفز
لماذا؟
عندما تكون تحت الماء، فأنت لا تعاني من نقص الأوكسجين أنما من زيادة ثاني أكسيد الكربون
الذي يجعل دمك حامضي، وهذا يرسل إشارة لدماغك بأن شيء ليس صحيح
عندما تلهث ينزل تدفق الأوكسجينِ حموضة دم وهذا يخدع دماغك بالتفكير بأنه يملك أوكسجين أكثر مما يوفر لك 10ثواني تحت الماء
جوناثان ارمبرستر، دكتوراه، أستاذ مشارك في علم الأحياء في جامعة اوبرن

ـــــــــــــــــــــــــــ
اقرأ دماغك
إذا كان عندك امتحان في اليوم التالي راجعه قبل النوم
لماذا؟
لأن عملية تعزيز الذاكرة تحدث أثناء النوم، فأي شيء تقَرأه مباشرة قبل النوم يشفر كذاكرة طويلة المدى

معرفة الانسان بنفسه:

في معرفة الانسان نفسه:-
يدعو بهاءالله كل انسان أن يعرف الكمالات المودعة فيه وأن يظهرها على التمام فهي نفسه وشخصيته الحقيقية التي تختلف عن الشخص الظاهر المحدود الذي لم يكن الا هيكلا لتلك الشخصية الباطنية. وكثيرا ما تكون قفصاً وسجناً للانسان الحقيقي.
ففي الكلمات المكنونة يقول:-
" يا ابن الوجود "
صنعتك بأيادي القوة وخلقتك بأنامل القدرة. وأودعت فيك جوهر نوري فاستغن به عن كل شئ لأن صنعي كامل وحكمي نافذ لا تشك فيه ولا تكن منه مريبا.

" يا ابن الروح "
خلقتك غنيا كيف تفتقر. وصنعتك عزيزا لم تستذل. ومن جوهر العلم أظهرتك لم تستعلم عن دوني. ومن طين الحب عجنتك كيف تشتغل بغيري فارجع البصر اليك لتجدني فيك قائما قادرا مقتدرا قيوما.

" يا عبدي "
مثلك كمثل سيف مرصع توارى في غمده المظلم وبذلك أصبح قدره مستورا عند الجوهري. فاخرج اذن من غمد النفس والهوى حتى يصبح جوهرك معلوما مضيئا عند العالمين.

" حبيبي "
إنك شمس سماء قدسي فلا تخسفها بكسوف الدنيا. فاخرق حجاب الغفلة حتى تخرج من خلف السحاب بغير ستر وحجاب. وتزين جميع الموجودات بخلعة الوجود والحياة (انتهى مترجما عن الفارسية).فالحياة التي يدعو بهاءالله أحباؤه اليها هي من الشرف والنبالة بدرجة أنه لم يبق في الامكان أمر أسمى ولا أجمل منه يمكن للانسان أن يتطلع اليه فعرفان الشخصية المعنوية الروحية المودعة في أنفسنا هي عرفان الحقيقة السامية التي تشير الى اننا نشأنا من الله واننا نعود الى الله وهذه العودة الى الله هي المقصد الأسمى للبهائي ولكن الوصول الى هذا المقصد لا يكون الا بالطاعة والانقياد لرسله المختارين. خصوصا لرسوله الذي أتى في الوقت الذي نعيش فيه (أي بهاءالله رسول العهد الجديد).

الصدق والامانة

في الصدق والأمانة:-
يقول بهاءالله في لوح الطرازات:-
(ان الأمانة باب الاطمئنان لمن في الامكان وآية العزة من لدى الرحمن من فاز بها فاز بكنوز الثروة والغنى. ان الأمانة هي الوسيلة العظمى لراحة الخلق واطمئنانهم لم يزل ولا يزال قوام كل أمر من الأمور منوطا لها. وبها تستنير وتستضئ عوالم العزة والرفعة والثروة: يا أهل البهاء ان الأمانة أحسن طراز لهياكلكم وأبهى إكليل لرؤوسكم خذوها أمرا من لدى آمر خبير).
وكذلك يقول:-
رأس الايمان هو التقلل في القول والتكثر في العمل. ومن كانت أقواله أزيد من أعماله فاعلموا أن عدمه خير من وجوده. وفناءه أحسن من بقائه. (من كلمات الحكمة).
ويقول عبدالبهاء:-
إن الصدق هو أساس جميع الفضائل الانسانية وبدون الصدق يكون النجاح والفلاح في جميع العوالم مستحيلا لأي انسان فاذا تأسست هذه الصفة في انسان فان بقي الصفات الإلهية تتجلى فيه. (من مكاتيب عبدالبهاء مترجما الجزء الثاني ص 459 طبعة إنجليزية).
وأيضا:-
فلتشرق من وجوهكم أنوار الصدق والأمانة حتى ان الجميع يعرفون ان كلمتكم في الجد والهزل هي كلمة يوثق بها ويعول عليها فلتنسوا أنفسكم ويكون عملكم لاجل جميع الناس.
(من رسالة عبدالبهاء الى بهائي لندن في أكتوبر سنة 1911).

الخضوع

في الخضوع:-
بينما نحن مأمورون بغض الطرف عن خطأ الآخرين والنظر الى فضائلهم فاننا أيضا مأمورون أن نبحث عن خطئنا. وأن نتغاضى عن فضائلنا، فيقول بهاءالله:-
(كيف نسيت عيوب نفسك واشتغلت بعيوب عبادي من كان على ذلك فعليه لعنة مني. قد اختص اللسان بذكري فلا تلوثه بالغيبة. واذا تغلبت النفس النارية على أحد فليشتغل بذكر عيوب نفسه لا بغيبة خلقي لأن كل واحد منكم أبصر وأعرف بعيوب نفسه عن نفوس عبادي). (ترجمة).
ويقول عبد البهاء:-
لتكن حياتكم نفحة من نفحات الملكوت فالمسيح ما جاء ليكون مخدوما بل خادما. والكل في دين بهاءالله عبيد واماء سواء كانوا اخوانا أو أخوات. وبمجرد أن يشعر أحد انه أحسن حالا او أعلى من الباقين فان مركزه يكون حرجا. وان لم يطرح هذا الفكر فلا يكون أداة صالحة لخدمة الملكوت. فعدم رضا الانسان عن نفسه دليل الرقي. والذي يرضى عن نفسه هو مظهر الشيطان. والذي لا يرضى عن نفسه هو مظهر الرحمن. فاذا كان لدى الشخص ألف صفة حميدة لا يلزمه أن ينظر اليها بل عليه أن يجتهد في الفحص عن مساويه ونقائصه، فمهما ترقى الانسان فهو لا يزال ناقصا لأنه يوجد دائما من هو أرقى منه مقاما بحيث لو نظر اليه ليشعر بنقص نفسه ويرجو في الوصول الى مقامه. وأما اذا مدح الانسان نفسه فذلك علامة على الأنانية. (من يوميات ميرزا سهراب سنة 1914).
ومع اننا مأمورون بأن نعترف بذنونبا ونتوب عنها فان الاعتراف أمام القسس وغيرهم ممنوع قطعياً. فيقول بهاءالله في البشارات:-(يجب على العاصي ان يطلب العفو والمغفرة حينما يجد نفسه منقطعا عما سوى الله. ولا يجوز الاعتراف بالخطايا والمعاصي عند العباد لان ذلك لم يكن ولن يكون سببا للغفران أو العفو الإلهي بل الاعتراف لدى الخلق سبب للذلة والهوان. والحق جل جلاله لا يحب ذلة عباده انه هو المشفق الكريم. ينبغي للعاصي أن يطلب الرحمة من بحر الرحمة فيما بينه وبين الله. ويسأل المغفرة من سماء الكرم).

التستر على الخاطئين

في التستر على الخاطئين:-
لا يوجد في التعاليم البهائية أمر أقوى من الغض عن خطأ الآخرين وقد تكلم المسيح بشدة في هذا الموضوع. ولكن أصبح الآن اعتبار خطبة المسيح على الجبل كقانون يتضمن نصائح كمالية فقط. ولا ينتظر من الرجل المسيحي العادي أن يسلك في أطوار حياته على مقتضاها. ولكن بهاءالله وعبدالبهاء قد بذلا الجهد في اعلام الناس بان تكون تعاليمهما قانونا الزاميا كما نقرأ في الكلمات المكنونة:-
يا ابن الانسان، لا تنفس بخطأ أحد ما دمت خاطئا وإن تفعل بغير ذلك ملعون أنت وأنا شاهد بذلك.
يا ابن الوجود، لا تنسب الى نفس ما لا تحبه لنفسك هذا أمري عليك فاعمل به.
ويقول عبدالبهاء ما يأتي:-
علينا أن نصمت عن خطأ غيرنا. وان نصلي لأجلهم وان نساعدهم بالمحبة ليصلحوا غلطاتهم. وان ننظر الى الحسن لا الى القبيح. واذا كان شخص له عشر صفات حميدة وصفة واحدة رديئة فعلينا ان ننظر الى الصفات العشرة الحميدة. وان ننسى الصفة الرديئة. واذا كان عنده عشر صفات رديئة وصفة واحدة حميدة علينا أن ننظر الى الصفة الحميدة وننسى العشرة السيئة. فلا نسمح لأنفسنا أن نتكلم بكلمة واحدة رديئة عن شخص آخر ولو كان ذلك الآخر عدونا). (ترجمة)
وكتب الى أحد أحباء امريكا ما يأتي مترجما:-(إن الغيبة أرذل الصفات الانسانية وأكبر الذنوب خصوصا اذا صدرت من فم أحباء الله ولو أمكن ايجاد طريقة يغلق بها باب الغيبة الى الأبد وتفتح شفاه كل فرد من أحباء الله في مدح الاخرين بدلا عنها فان تعاليم بهاءالله تنتشر. وتستضيء منها القلوب. وتبتهج بها الارواح. ويصل العالم البشري الى السعادة الأبدية ا.هـ).

معنى الادب في الدين البهائي:

في الأدب:-
يقول بهاءالله في لوح الدنيا:-
يا حزب الله أوصيكم بالأدب فهو في المقام الأول سيد الأخلاق طوبى لنفس تنورت بنور الأدب وتزينت بطراز الاستقامة. فصاحب الأدب صاحب مقام عظيم. أرجو أن يكون هذا المظلوم وأنتم جميعا قادرين متمسكين ومتشبثين به وناظرين اليه. فهذا هو الحكم المحكم الذي جرى ونزل من قلم الاسم الأعظم. (ترجمة).
وكذلك يقول مرارا وتكرارا:-
(فليعاشر ملل الارض بعضهم بعضا بالروح والريحان. عاشروا يا قوم أهل الأديان بالروح والريحان).
ويقول عبدالبهاء في خطاب الى امريكاني بهائي:-
(حذار حذار أن تجرحوا قلب أحد. حذار حذار أن تضروا أحدا. حذار حذار ان تعاملوا احدا بقسوة. حذار حذار أن تكونوا سببا في يأس أي انسان. فأولى بالشخص الذي يكون سببا في حزن أي قلب أو قنوط أي روح أن يتوارى في أسفل طبقات الارض بدلا من أن يعيش فوقها). (ترجمة).
فهو يعلمنا بانه كما أن الزهرة كامنة في الأكمام فكذلك يوجد عند كل انسان روح من أمر الله مهما يكن في نفسه قاسيا في ظاهره. فالبهائي الحقيقي هو الذي يعامل كل انسان باللطف كالبستاني الذي يربي الزهر النادر في الحديقة. فهو يعرف أن أكمام الزهر لا تفتح الا من حرارة الشمس الالهية لا من سرعة تداخله فلم يكن مقصوده الا أن تدخل أشعة هذه الشمس المحيية للأرواح في جميع البيوت والقلوب المظلمة.
وكذلك يقول عبدالبهاء:-
إن من تعاليم بهاءالله أن يكون الانسان في كل الأحوال متسامحا. وأن يحب عدوه. وأن يعتبر كل عدو عنود كصاحب ودود لا أن يتخذ له عدوا ويقاومه ثم يتسامح معه فان هذا نفاق وليس بمحبة خالصة. فعليكم أن تعتبروا أعداءكم أصدقاء ومبغضيكم محبين. وأن تعاملوهم على هذا الاعتبار. ويجب أن تكون محبتكم وشفقتكم حقيقية وليس فقط من قبيل التسامح لأن التسامح اذا لم يكن من القلب فهو نفاق. (مجلة نجمة الغرب مجلد 4 ص 191).
ولقد يظهر لنا بادئ ذى بدء أن هذه النصيحة غير مقبولة ولكن اذا عرفنا أن في كل انسان - عدا من يكون شهوانيا معاديا مبغضا - قوة روحانية وهي طبيعة الرجل الحقيقي الذي منها تصدر المحبة والرحمة. وعرفنا أن هذه القوة الباطنية الحقة موجودة عند كل معاشرينا لذلك وجب علينا أن نوجه فكرنا ومحبتنا اليهم حتى اذا تيقظت فيهم هذه القوة للعمل تتغير الطبيعة الخارجية فيهم وتجدد وتتبدل بالطبيعة الباطنية.

التبليغ في الدين البهائي :

في التبليغ:-
إن البهائي الحقيقي فضلا عن اعتقاده في تعاليم بهاءالله يجد فيها مرشدا وهادياً له في جميع أطوار حياته وشؤونها وهو ايضا يشرح لغيره من هذه التعاليم بالفرح والانبساط ما يكون سببا لسعادته في الحياة. وبهذه الطريقة وحدها يمكنه أن يحصل على تأييدات قوة الروح بكل معانيها، نعم إن كافة الناس لا يقدرون أن يصبحوا كتابا متفوقين أو خطباء مفوهين ولكنهم جميعا يقدرون أن يعيشوا بمقتضى التعاليم الإلهية. فبهاء الله يقول:-
قد كتب على أهل البهاء أن يخدموا ربهم بالحكمة ويعلموا غيرهم بسيرهم وسلوكهم بحيث يتجلى نور الله في أعمالهم فان أثر الأعمال أنفذ من أثر الأقوال وان أثر الكلمة التي ينطق بها المعلم تتوقف على طهارته وانقطاعه فالبعض يقتنع بالكلام ولكن الكلام يمتحن بالأعمال ويتوقف على السير والسلوك. فالأعمال تظهر مقام الانسان. وينبغي كذلك أن يكون الكلام مطابقا لما أنزل من فم مشيئة الله وما دوّن في الألواح. (ترجمة).
فليس للبهائي بأي حال من الأحوال أن يضغط على غيره ليتبع آراءه لو كان لا يريد أن يستمع له فلا يجتهد في أن يسوق الناس الى ملكوت الله بل يشوقهم ويجذبهم فيكون كالراعي الصالح الذي يرعى قطيعه وهو يبهجه بتغنياته لا كالذي يسوقهم بعصاه وكلبه خلفه.
فبهاءالله يقول في الكلمات المكنونة:-
يا ابن التراب، إن حكماء العباد لا يفتحون شفواتهم الا اذا وجدوا من يستمع لهم، كالساقي الذي لا يقدم القدح الا لمن يطلبه. (ترجمة).
وكذلك يقول في لوح الاشراقات:-يا أهل البهاء كنتم ولازلتم مشارق محبة الله ومطالع عنايته فلا تدنسوا ألسنتكم بسب أحد ولعنه وغضوا أبصاركم عما لا يليق لها، اظهروا ما عندكم فإن قبل فالمقصود قد حصل والا فالتعرض باطل. ذروه بنفسه مقبلين الى الله المهيمن القيوم. فلا تكونوا سببا في حزن أحد فضلا عن الفساد والنزاع عسى أن تتربوا في ظل سدرة العناية الإلهية. وتعملوا بما أراده الله. كلكم أوراق شجرة واحدة وقطرات بحر واحد. (ترجمة).

الخدمة في الدين البهائي :

في الخدمة:-
ان الاخلاص لله يتضمن الخدمة لإخواننا ولا يمكننا أن نخدم الله بدون ذلك، فاذا ولينا ظهورنا لإخواننا فاننا نولي ظهورنا أمام الله. وقد قال المسيح: (فبقدر ما عملتم في أقل اخوتي عملتم في ).
ويقول بهاءالله:-
يا ابن الانسان، لو تكون ناظراً الى الفضل ضع ما ينفعك وخذ ما ينتفع به العباد وإن تكون ناظراً الى العدل اختر لدونك ما تختاره لنفسك. (من الكلمات الفردوسية).
ويقول عبدالبهاء:-(إن الفنون والصنائع والحرف هي معدودة في الأمر البهائي من ضمن العبادة فالرجل الذي يصنع كراسة من ورق المذكرات ويجيدها على قدر طاقته وهو موجه كل همته لاتقان عمله - إنه يمجد الله - وعلى العموم كل جهد وقوة يرسلها الانسان لعمل من كل قلبه هو عبادة اذا كان هذا العمل في سبيل خدمة الانسانية أو غيرها من الأعمال الشريفة العالية. فخدمة الانسانية والتوجه نحو الاحتياجات البشرية هو عين العبادة. والخدمة العامة عبادة. فالطبيب الذي يداوي المرضى باللطف والحنان وبغير تعصب وهو يعتقد بوحدة العالم البشري مستحق للمدح والثناء). (محادثات باريس صحيفة 164 طبعة ثانية).

معنى الطاعة في الدين البهائي :

في الطاعة:-
ان الاخلاص لله يستلزم اطاعة أوامره المنصوصة حتى في الأحوال التي لا تفهم أسبابها وعللها، فان الملاح يجب عليه أن يطيع أوامر رئيسه القبطان بثقة تامة حتى ولو لم يكن يعرف اسبابها الا ان طاعته لا تسمى طاعة عمياء لأنه يعلم علم اليقين أن القبطان قد جرب في خدماته العديدة وظهرت منه الكفاءة ليكون ملاّحا ماهراً في صناعته. وقامت على كفاءته البراهين العديدة. وبغير ذلك تكون خدمته من الحماقة. فكذلك يجب على البهائي أن يطيع قبطان نجاته بتمام الثقة ولكنه يكون أحمقا لو لم يتأكد في ابتداء الأمر ان قبطانه ممن قامت على أحقيته البراهين الكافية. واذا أذعن لهذه البراهين فانه يكون أكثر حمقاً لو امتنع عن الطاعة لاننا لا يمكننا ان نجني ثمار حكمة هذا المعلم الحكيم أو نحصل عليها لأنفسنا الا بالانقياد والطاعة له بعين قريرة وبرضاء تام. واذا لم يطع الملاحون قبطانهم كيف تصل سفينتهم سالمة الى مقرها وكيف يتعلمون فن الملاحة منه مهما كان هو في نفسه حكيما. وقد أشار المسيح الى أن الطاعة هي طريق المعرفة فقال:-
إن كلامي لم يكن من نفسي بل من الذي أرسلني فاذا عمل أحد ارادته فانه يعرف الناموس اذا كان من الله او اذا كنت أتكلم من نفسي. (يوحنا 7-16-17)
وكذلك يقول بهاءالله:-
ان الايمان بالله ومعرفته لا تتم... الا بالعمل بما أمر به وما نزل في الكتاب من قلم البهاء. (تجليات ترجمة)فالطاعة التامة ليست معدودة في هذه الأوقات الديمقراطية من الفضائل المسلم بها. وقد يكون في الطاعة التامة لارادة أحد من الناس خطر ولكن لا يمكن اتحاد البشر الا باتباع كل فرد للارادة الالهية. واذا لم تظهر هذه الإرادة ظهورا واضحا او لم يتبع الناس الداعي الإلهي تاركين جميع من عداه من الدعاة فان الفتن والقلاقل تستمر. ويظل الناس يخاصمون بعضهم بعضا. ويستعملون جزءا كبيرا من قوتهم لدحض مجهودات الآخرين من إخوانهم بدلا من العمل جنبا لجنب لأجل المجد الإلهي والمصلحة العامة

الانقطاع في الدين البهائي :

في الانقطاع:-
ان التضرع الى الله يقتضي الانقطاع عن كل ما سواه أي عن جميع الأهواء والشهوات النفسية والأرضية وغير الارضية فان سبيل الحق يكون في الغنى كما يكون في الفقر. وفي الصحة كما في السقم. وفي القصر كما في البئر. وفي الحديقة كما في السجن. فعلى البهائي أن يقبل نصيبه من الحياة في أي جهة وقعت مع كمال التسليم والرضا. ولم يكن المقصود من الانقطاع عدم الاعتناء بما حول الانسان يعني العزلة التامة انما الغرض هو اعتزال الأمور المنكرة لا احتقار الاشياء الجميلة التي خلقها الله. فالبهائي الحقيقي لا يكون جامدا ولا زاهدا. ولا خاليا من الشعور لأنه يجد سرورا عظيما في طريق الحق وعملاً جماً وفرحا عظيما ولكنه لا ينحرف قيد شعرة عن هذا الطريق طلباً للذة أو اشتياقا الى ما حرّمه الله. فاذا صار الرجل بهائياً صارت ارادته إرادة الله لأن مخالفة أمر الله هي الشيء الوحيد الذي لا يرتكبه فلا تساوره المخاوف في طريق الحق ولا تحزنه المتاعب، فنور الحق ينير له أظلم أوقاته ويتبدل الألم بالفرح ويقترن الاستشهاد بالحماس والتبريك وترتفع الحياة الى مستوى الشجاعة ويكون الموت له بشارة. فقد قال بهاءالله في سورة الهيكل:-
( من كان في قلبه أقل من خردل حب دوني لن يقدر أن يدخل ملكوتي).
وقال في الكلمات المكنونة:-
(يا ابن البشر إن تحب نفسي فأعرض عن نفسك وإن ترد رضائي فاغمض عن رضائك لتكن في فانيا وأكون فيك باقيا).
وفي الكلمات المكنونة الفارسية يقول ما ترجمته:-(عبدي خلّص نفسك من قيود هذا العالم وتحرر من سجن نفسك واغتنم الوقت لأنك لن تر مثل هذا الوقت ولن تجد مثل هذا الزمان).

في محبة الله

في محبة الله:-
يلزمك لعرفان مظهر الله أن تحبه ولا يمكن حصول أحدهما بدون الآخر فمن تعاليم بهاءالله ان الغاية من خلقة الانسان هو أن يعرف الله ويعبده، فيقول في أحد ألواحه:-
المحبة علة خلق الممكنات كما ورد في الحديث "كنت كنزا مخفيا فأردت أن أعرف فخلقت الخلق لكي أعرف".
وفي الكلمات المكنونة يقول:-
يا ابن الوجود، أحببني لأحبك ان لم تحبني لن أحبك أبدا فاعرف يا عبدي.
يا ابن المنظر الأكبر، أودعت فيك روحا مني لتكون حبيبا لي لم تركتني وطلبت محبوبا سواي.
فالغرض الوحيد الذي يرمي اليه البهائي هو أن يكون محبا لله ويتخذه الله حبيبا خاصا ورفيقا قريبا ومحبوبا فريدا وبحضوره يتم كل فرح، وتقتضي محبة الله محبة كل شئ وكل انسان لأن الكل من الله والبهائي الصادق هو المحب الكامل فهو يحب كل انسان بقلب طاهر وبحماس فلا يبغض أحدا ولا يحتقر أحدا لأنه يتعلم أن يرى وجه المحبوب في جميع الوجوه وأن يجد آثاره في كل مكان فليس لمحبته حدود ولا فوارق سواء كانت حزبية أو ملية أو نوعية أو جنسية. فبهاءالله يقول:-
قيل في السابق "حب الوطن من الايمان" ولكن لسان العظمة ينطق اليوم ويقول ليس الفخر لمن يحب الوطن بل لمن يحب العالم (لوح الدنيا).
وكذلك يقول:
طوبى لمن آثر أخاه على نفسه انه من أهل البهاء (كلمات فردوسية).
وقد أخبرنا عبدالبهاء باننا يجب علينا أن نكون كنفس واحدة في أجسام متنوعة لانه كلما زادت محبتنا لبعضنا البعض ازداد قربنا من الله.
وتكلم مرة مع قس مسيحي بما ياتي:-
ان الغرض من بعثة الانبياء وارسال الكتب ترويج قانون المحبة... فلنجتهد في الاتصاف بصفة المحبة ونزداد فيها الى درجة نغلب بها على كل مقاومة ونصل الى المحبة التي تغلب كل الأعداء. المحبة التي تزيل جميع العوائق. المحبة المملوءة بالاحسان والسخاء وسعة الصدر والتسامح والسعي المشكور. المحبة التي تغلب جميع العوائق. المحبة التي ليس لها حد ولا يقدر احد ان يقاومها. المحبة التي تجلو وتمسح كل غبار. (من يوميات ميرزا سهراب 9 يونيه سنة 1914).
وكذلك يقول:-يجب على كل فرد من البهائيين أن يحب اخوانه وان لا يبخل عليهم بماله ويشركهم في حياته ويجتهد بكل وسيلة أن يجعلهم فرحين مسرورين ولكن يجب أن يكون هؤلاء الاخوان منقطعين ومستعدين للتضحية وبهذه الوسيلة يشتد اشراق نور الشمس على الآفاق ويسمع جميع الأقوام هذه التغنيات بالفرح والانشراح. فيكون هذا الدواء الالهي شفاء لكل داء. فروح الحق سبب لحياة كل نفس. (من مكاتيب عبدالبهاء ترجمة الجزء الاول ص 147).

في تحري الحقيقة:

في تحري الحقيقة:-
ان بهاءالله يأمر أتباعه بالانصاف حيث يقول في كلمات الحكمة:-
(رأس كل ما ذكرناه لك هو الانصاف وهو خروج العبد عن الوهم والتقليد والتفرس في مظاهر الصنع بنظر التوحيد والمشاهدة في كل الامور بالبصر الحديد).
فمن اللازم لكل انسان ان يطلع ويتحقق من الجمال الإلهي المتجلي في هيكل بهاءالله البشري والا فان ايمانه البهائي يكون اسما من دون معنى وقد كان نداء جميع الانبياء للبشر أن يفتحوا أعينهم لا أن يغمضوها وان يتبعوا العقل لا أن يخمدوه فلن يقدروا على ان يخترقوا سحب الأوهام ويخلعوا قيود التقليد الأعمى ويصلوا الى التحقق من صدق الدين والأمر الجديد الا بإمعان النظر الصحيح وبحرية التفكير لا بالايمان التقليدي التذللي فالذي يرغب أن يكون بهائيا يلزمه ان يفحص عن الحق بدون خوف ولا وجل الا انه يلزمه أن لا يقصر أبحاثه على المستوى المادي بل عليه أن يتيقظ روحيا كما يستيقظ ماديا وعليه أن يستعمل جميع القوى التي أعطاها له الله ليصل الى الحقيقة وان لا يعتقد شيئاً بدون أن يثبت عنده ثبوتاً عقليا صحيحا واذا كان قلبه طاهراً وعقله وفكره خالياً من التعصبات فان بحثه عن الحقيقة لا بد وان يهديه ولا يلبث الا أن يرى جمال البهاء الإلهي في أي هيكل تجلى فيه، وقد قرر بهاءالله:-
(الطراز الاول والتجلي الأول الذي أشرق من أفق سماء أم الكتاب في معرفة الانسان نفسه وما هو سبب لعلوه ودنوه وذلته وعزته).
وكذلك يقول في كلمات الحكمة:-
(أصل كل العلوم هو عرفان الله جل جلاله وهذا لن يحقق الا بعرفان مظهر نفسه).فالمظهر هو الانسان الكامل والمثل الأعلى للخلق والثمرة الأولى لشجرة الإنسانية. فان لم نعرفه لا نقدر أن نعرف القوى الكامنة في أنفسنا وقد طلب منا المسيح أن نتفكر في زهرة الزنبق كيف تنمو. وقال (إن سليمان في كل ملكه وعظمته لم يلبس كواحدة منها) فان الزنبق ينمو من أكمام صغيرة لها منظر جذاب فاذا لم ننظر الزنبقة وهي في تفتحها ولم نشاهد طراوة أوراقها وأزهارها التي لا مثيل لها فكيف يمكننا أن نعلم حقيقة ما تحويه الأكمام؟ قد يمكن أن نشرحها بكل دقة ونفحصها بعناية تامة ولكنا لا نقدر أن نكشف ما تحويه من الجمال المكنون فيها الذي لا يعرف كيفية ظهوره ونباته سوى البستاني. كذلك نحن اذا لم نر البهاء الإلهي المتجلي في المظهر لن يكون عندنا فكر عن الجمال الروحاني المستور في طبيعتنا وفي طبيعة أحبائنا. ويمكننا أن ندرك الكمالات المعنوية الموجودة في أنفسنا تدريجيا بعرفان المظهر الإلهي ومحبته واتباع تعاليمه واذ ذاك تظهر لنا معنى الحياة والوجود والغرض منها.

الاخلاص في الدين البهائي:

في الاخلاص لله:-
كما أن أوراق الزهر والورد تحتاج في تفتحها من الأكمام الى حرارة أشعة الشمس فكذلك البهائي يحتاج دائماً للاتصال العقلي والمباشر مع بهاءالله حتى يحصل على الحياة البهائية الكاملة. فالبهائي لا يعبد شخص بهاءالله بل الجمال الإلهي المتجلي فيه ولذلك تراه يحترم بذات المعنى المسيح ومحمد وجميع رسل الله لبني الانسان الا أنه يعتبر أن بهاءالله هو الحامل للرسالة الإلهية في هذا العصر الجديد الذي نعيش فيه وأنه هو المعلم العظيم الذي جاء في العالم لتنفيذ واتمام أغراض من سلفه من الأنبياء. ومجرد الاذعان الفكري للعقيدة لا يجعل الانسان بهائياً وكذا الحال في الاستقامة الخارجية بل ان بهاءالله يريد من أتباعه الاخلاص التام من جميع قلوبهم وان هذا الحق ولو كان خاصا بالذات الإلهية الا أن بهاءالله يتكلم كمظهر الله ويعبر عن ارادته، وقد كان الانبياء السابقون صريحين فيما يتعلق بهذا الموضوع فقد قال المسيح:- (من أراد أن يتبعني فلينكر نفسه ويحمل صليبه ويتبعني لأن كل من ينجي نفسه يخسرها ومن يخسر حياته لأجلي فانه يجدها) وبعبارة أخرى أن جميع المظاهر الإلهية طلبوا من أتباعهم عين هذا المطلب وقد أثبت لنا التاريخ انه ما دام هذا الطلب قد استجيب له واعترف به فان الدين ينمو رغماً عن كل مقاومة أرضية ورغما عن التعذيب والاضطهاد واستشهاد المؤمنين. وعلى العكس من ذلك كلما حصل التراخي والتهاون بدلا من التكريس التام للخدمة، فان الدين يضمحل وقد يكون الايمان تقليديا ولكنه يفقد قوته لخلاص الناس وتبديلهم وعمل العجائب. فالدين الحق لم يكن في أي وقت تقليديا ولو فرض وأصبح على هذه الصورة فان الطريق الموصل الى الحياة كما قال المسيح ضيق ولا يجده الا القليل.
والباب الموصل الى الحياة الروحية لا يقبل للدخول فيه الا واحداً بعد واحد كالباب الموصل الى الولادة المادية. فلو فرض ونجح الكثير من الناس في الولوج في هذا الطريق أكثر من ذى قبل فان ذلك يدل على أن الناس قد ازداد فيهم الميل للخشوع والخضوع الذي يأمر به الله وأن الحنكة والتجارب الطويلة قد ألجأتهم الى أن يروا سوء عاقبة اختيارهم لطريقهم بدلا عن الطريق الإلهي وليس المعنى أن الباب قد اتسع لدخولهم جميعا.

الحياة البهائية كما صورها حضرة عبد البهاء

في ذكر كيفية الحياة البهائية:-
لما سئل عبدالبهاء عن معنى البهائي أجاب:
(لأن تكون بهائياً يلزمك أن تحب العالم وتحب الإنسانية وأن تجتهد في خدمتها وتعمل للسلام العام والاخوة العامة).
وفي مقام آخر عرَّف البهائي بقوله:
(إنه هو الشخص المتحلي بالكمالات الإنسانية في الحياة العملية).
وفي إحدى محادثاته في لندن قال:
(يصح أن يكون الانسان بهائياً ولو لم يسمع باسم بهاءالله).
وقال ايضا:
(إن الذي يعيش طبقا لتعاليم بهاءالله هو بهائي وعلى العكس من ذلك كل من يتسمى باسم البهائي ولا يسير طبقاً لتعاليم بهاءالله فانه ليس بهائياً ولو عاش خمسين سنة متخذاً هذا اللقب فان الرجل القبيح ربما سمى نفسه جميلا ولكنه لا يغش أحدا. وكذلك الرجل الأسود ربما يسمي نفسه أبيض ومع ذلك لا ينخدع أحد من قوله حتى ولا نفسه). (من كتاب عبد البهاء في لندن ص 109).ومثل من يكون جاهلا برسل الله كمثل نبات ينمو في الظل فمع كونه لم ير الشمس ولا يعرفها فانه متوقف في وجوده الكلي عليها. فعظماء الانبياء شموس روحانية وبهاءالله هو شمس هذا اليوم الذي نعيش فيه وقد سبق لشموس الهوية السالفين أن أنذروا الناس بهذا اليوم وأحيوا العالم ولو لم تشرق تلك الشموس لكان العالم اليوم ميتاً ولكانت شجرته بلا ثمر ولكن شمس هذا اليوم وحدها هي الكفيلة بإنضاج أثماره بعد أن أخرجتها تلك الشموس السابقة الى حيز الوجود.

ما هو البهائي

ما هو البهائي

"لابد وأن يظهر للانسان ثمر فالإنسان الخالي من الثمرة كالشجرة بلا ثمر كما قال حضرة الروح (المسيح) والشجر الذي لا ثمر له يليق للنار".
(من ترجمة الكلمات الفردوسية لبهاء الله).

ان هربرت سبنسر لاحظ مرة ان الآراء التي هي في طبيعتها كالرصاص (أي ثقيلة) لا يمكن أن تنقلب أو تحصل منها الأخلاق الذهبية بواسطة استعمال أي كيمياء ذهبية فلا يمكن إنشاء مجتمع ذهبي من أشخاص طبائعهم رصاصية بواسطة استعمال أي كيمياء سياسية - وقد أعلن بهاءالله هذه الحقيقة كما أعلنها جميع الأنبياء السابقين فقد علم الناس أنه لأجل تأسيس مملكة الله على الارض يجب أولا تأسيسها في القلوب البشرية واذا رجعنا الى التعاليم البهائية فعلينا أن نبتدئ بذكر أوامر بهاءالله المتعلقة بكيفية السلوك الشخصي ولنجتهد في أن نوضح بصورة جلية معنى كون الشخص بهائي.

الولاء للحكومة وتحريم الاشتغال بلامور السياسية:

مبدأ الولاء للحكومة المتبوعة
وتحريم الاشتغال بالأمور السياسية
يأمر بهاءالله أتباعه ان يكونوا موالين لحكومتهم المتبوعة مطيعين لأوامرها ومقرراتها عاملين على تعزيز كيانها بالخدمات الصادقة والأمانة التامة وتأدية الواجبات الإدارية والوطنية على خير وجه واكمله كمواطنين مخلصين ورعايا مسالمين أينما وجدوا وفي أي بلد أقاموا وان يعملوا على ترقية مصالح أوطانهم الخاصة وخدمة أبناء جلدتهم بالصدق والصفاء، كما ان بهاءالله نهاهم كل النهي عن التدخل في الأمور السياسية او قبول أي وظيفة او منصب سياسي ومنعهم من الاندماج والانخراط في سلك الأحزاب السياسية والحركات السرية او الانحياز لها قولا او عملا، وحكم بأن كل بهائي سلك غير هذا المسلك الحيادي واتبع غير سبيل الحيدة التامة عن السياسة، فقد ألقى بنفسه الى مخالفة الأوامر الدينية والواجبات الوجدانية الحتمية وجنى ما لا تحمد عقباه.
ويقول بهاءالله مؤكدا على هذا المبدأ الجوهري ما ترجمته:
"ان هذا الحزب (البهائيين) اذا أقام في بلاد أي دولة يجب عليه أن يسلك مع تلك الدولة بالأمانة والصدق والصفاء (هذا ما نزل من لدن آمر قديم). ويجب على أهل العالم طراً إعانة هذا الأمر الأعظم الذي نزل من سماء ارادة مالك القدم عسى ان تخمد نار البغضاء المشتعلة في صدور بعض الأحزاب بماء الحكمة الإلهية والنصائح والمواعظ الربانية وتستضيء الآفاق بنور الاتحاد والاتفاق. نرجو من عناية مظاهر قدرة الحق جل جلاله أن يتبدل سلاح العالم بالصلاح وأن يرتفع الفساد والجدال من بين العباد".
(لوح البشارات معربا)
وقوله في الكتاب الأقدس:
"ليس لأحد أن يعترض على الذين يحكمون على العباد دعوا لهم ما عندهم وتوجهوا الى القلوب".
وكذلك قوله (معربا):
"ان مظاهر الحكم ومطالع الأمر المزينين بطراز العدل والانصاف هؤلاء تجب على الجميع موآزرتهم وتأييدهم".
(كتاب عهدي)
وقوله في مقام آخر:
"يا حزب الله زينوا هياكلكم بطراز الأمانة والديانة ثم انصروا ربكم بجنود الأعمال والأخلاق، إنـِّا منعناكم عن الفساد والجدال في كتبي وصحفي وزبري وألواحي وما أردنا بذلك الا علوّكم وسموكم".
(لوح الاشراقات المعرب)
فمبدأ الولاء للحكومة المتبوعة يعتبر من وجهة نظر التعاليم البهائية مبدأ أساسياً من ناحيتيه الروحية والاجتماعية. فهي عندما تؤكد على وجوب إطاعة الحكومة وطلب الخير لها توضح ذلك التعليم بأنه بغية تأسيس نظام اجتماعي أرقى وتحقيق حالة اقتصادية أفضل يجب ان يكون الولاء لقوانين الحكومة المتبوعة ومبادئها، هذا هو جوهر الروح البهائي.

12-في التحكيم الدولي :

12 - في التحكيم الدولي:-
شهد العصر الحاضر تقاربا جديدا بين مختلف شعوب العالم وتقاربت الآراء والأفكار المتباعدة وتشابكت المصالح المتباينة وتماثلت حتى كاد هذا العصر ان يتسم بسمة "العالمية" ويصطبغ بصبغة "الأممية" في كثير من مظاهره وشؤونه. وغني عن البيان ان هذا التقارب والاندماج بين أهل العالم يزداد تباعا لرقي الأفكار وانتشار أنوار المدنية والحضارة وتعميم مبادئ الاخوة العالمية وازدهار التجارة والمقايضة وتبادل المنافع الاقتصادية بين الأمم على نطاق واسع، ومن ثم تنشأ الحاجة في مجتمع متطور متلازم متضامن مثل مجتمعنا الانساني هذا الى ايجاد نظام يكفل تحقيق العدالة والحق بين مختلف أقسامه وأجزائه، أعني أممه وشعوبه كلما نشأ بينها نزاع او تطور اختلاف على بعض المصالح المشتركة يخشى ان يؤدي الى تعكير صفو السلام العالمي او يهدد باللجوء الى الحرب وإشعال نيران الفتن والفساد فيما لو ترك وشأنه. وقد قرر بهاءالله ان الارض بأجمعها وطن واحد وكل الشعوب والقبائل والأمم أهله وسكانه ومن ثم فلا بد من وجود "محكمة عالمية عليا" تفصل في المنازعات الحاصلة بين الأمم بمقتضى قواعد الحق والانصاف وتكون مقرراتها ملزمة بحق الجميع حتى بالنسبة للأطراف الذين لا يتقدمون برفع شكاواهم ومنازعاتهم اليها من تلقاء أنفسهم وبإرادتهم. وكما هو الحال مع الأفراد كذلك حال الأمم، اذ يجب أن يكون القضاء عادلا ومستقلا ونزيها بعيدا عن كل المؤثرات السلبية وعوامل التفكيك والهدم.
وكتب عبدالبهاء في رسالة وجهها الى سكرتير مؤتمر السلام في موهونك في أغسطس (آب) 1911 ما ترجمته:
"أمر بهاءالله الكل قبل خمسين سنة في الكتاب الأقدس بتشكيل مجلس دولي عام، ودعا أمم العالم الى المائدة الإلهية - مائدة المحكمة الدولية الكبرى - حتى تنحل على يد بيت العدل جميع مشاكل الحدود والثغور وحقوق الملكية والسيادة والشرف القومي وغير ذلك من المشاكل العظيمة التي تنشأ بين الدول والملل، فلا تجرؤ أي أمة على مخالفة قرار تلك المحكمة او الانحراف عنه ولو نشأ نزاع بين أمتين وجب الفصل فيه في هذه المحكمة الدولية الكبرى فصلا عادلا، وكما يصدر الحاكم حكمه في النزاع بين شخصين، كذلك تصدر هذه المحكمة حكماً قاطعاً وفي أي وقت تتردد فيه أية دولة من الدول او تتراخى في تنفيذ حكم المحكمة الكبرى يجب على جميع دول العالم أن تقوم بتدمير هذا العصيان".

11- حل المشاكل الاقتصادية:

11 - حل المشاكل الاقتصادية:-
ان التعاليم البهائية تدعو الى تنظيم الحياة الاقتصادية واصلاحها بشكل يؤمن رفاه الجميع واستقرار شؤونهم المادية بحيث لا يبقى مجال للمنازعات والحروب المثارة من جراء اختلال الميزان الاقتصادي في العالم وارتباك الوضع الدولي الناتج عن ذلك من حين لآخر.
فيقول عبدالبهاء (مترجما):-
"ان تنظيم الأحوال العامة يجب أن يتم بطريقة توجب محو الفقر فيكون لكل فرد على قدر المستطاع نصيبه في الحياة والتمتع على قدر رتبته فلا نعود نرى أشخاصا مثقلين مزودين بالأموال بينما الآخرين يموتون من العدم والجوع او أشخاصا يملكون القصور الفخمة العديدة وآخرين لا يملكون ما يضعون عليه رؤوسهم لأن مثل هذه الحالة غير مرضية ويجب اصلاحها. ولكن يلزمنا الاحتراس في اصلاحها لأنها لا يمكن اصلاحها بالمساواة التامة بين الناس، فالمساواة وهمٌ باطل لا يمكن تحقيقه عمليا، ولو أمكن تحقيقها يوما ما فانه لا يمكن دوامها ولو فرض ايجادها فان نظام العالم كله يفسد. فلا بد من حصول التفاوت في العالم البشري وعلى هذا النظام خلق الله البشر، فالانسانية كالجيش العظيم يحتاج الى قائد وضباط بدرجاتهم المختلفة وكذلك الى عسكر، وكل فرد منهم عليه واجبات معينة، فالدرجات ضرورية لتحقيق النظام والترتيب، فلا يكون الجيش كله قوادا او ضباطا او يكون كله عسكراً بدون رؤساء. والآن بعض الناس أغنياء بغنى مفرط والبعض فقراء بفقر مدقع فلا بد من عمل نظام لضبط وتحسين الاحوال، فمن الامور المهمة تحديد درجة الغنى، وكذلك تحديد درجة الفقر.. فاذا رأينا ان الفقر قد وصل الى درجة الموت فان ذلك علامة حقة على وجود الظلم والاعتساف، فيجب على كل فرد ان يهتم بهذا الامر، وان لا يتوانى في السعي في تغيير الانظمة التي تؤول بأغلب الناس الى الفقر المدقع فيلزم تقنين القوانين الخاصة للبحث في الفقر والغنى المفرطين". (من خطب عبدالبهاء في باريس)
ان من أهم الخطوط الأساسية التي وضعتها التعاليم البهائية لحل هذه المشكلة التي باتت تهدد سلامة العالم وأمنه وراحته ولمعالجة مضاعفاتها ومشقاتها الجمة في هذا العصر الذري هي:
أ - مسألة الزارع والفلاح:
لا تعتبر المشكلة الاقتصادية في نظر الدين البهائي محلولة الا اذا عولجت مشكلة الزارع والفلاح أولا.
والفلاح في الحقيقة أول عامل في الهيئة الاجتماعية، ويربو عدد الفلاحين على عدد أي طبقة من طبقات العمال ولهذا فمن اللياقة البدء بحل هذه المشكلة اعتبارا من هذه الطبقة الكثيرة العدد والمجهولة القدر.
وعلى هذا الأساس تقترح البهائية أن يؤسس في كل قرية من القرى لجنة ينتخب أعضاؤها من بين الأفراد المعروفين برجاحة العقل وحسن التدبير وان تكون القرية تحت ادارتهم كما يؤسس لهذه القرية مخزن عمومي ويعين له كاتب.
ب - فريضة العمل والاحتراف على كل فرد عدا العجزة والمسنين، وتحريم البطالة والكسالة والتسول على اختلاف أنواعه ووجوب تعلم الصناعة والفنون والحرف الى جانب العلوم النظرية والآداب والفنون الأخرى حتى لا يبقى في المجتمع الإنساني أشخاص عاطلون يأكلون من تعب غيرهم وبهذا الصدد يتفضل بهاءالله قائلا:-
"قد وجب على كل واحد منكم الاشتغال بأمر من الأمور من الصنائع والاقتراف وأمثالها. وجعلنا اشتغالكم بها نفس العبادة لله الحق، تفكروا يا قوم في رحمة الله وألطافه، ثم اشكروه في العشي والاشراق. لا تضيعوا أوقاتكم بالبطالة والكسالة واشتغلوا بما ينتفع به أنفسكم وأنفس غيركم... أبغض الناس عند الله من يقعد ويطلب، تمسكوا بحبل الأسباب متوكلين على الله مسبب الأسباب". (كتاب الأقدس)
فكم من القوى تضيع الآن في العالم بسبب السعي في افساد عمل العاملين كالمجادلة والمزاحمة بالباطل وغير ذلك من الطرق المتشعبة الضارة، ولو كان الناس يشتغلون بعقولهم وأبدانهم بطريقة نافعة للجنس البشري كما يأمر بهاءالله لحصلوا على كل ما يلزمهم من الصحة والراحة والسعادة في الحياة وسلموا من خطر المجاعة وأضرار انتشار الأمراض والأوبئة وخلصوا من آلام الاحتياج واستعباد الصناع والأعمال الشاقة المهلكة للصحة والمنهكة للقوى والأبدان.
ج - ربح النقود (الفائض) - أباحت التعاليم البهائية تعاطي ربح النقود في المعاملات وذلك بالنظر لتطور الحياة الاقتصادية في العصر الحاضر واشتباك المصالح التجارية وتبادل المنافع بين الأفراد والشعوب وضرورة اعتماد هذه الوسيلة لتسهيل ذلك وترويجه، وتركت تحديد نسبته الى بيت العدل وأوصت بالعدل والانصاف في اجراء هذا الحكم.
ويقول بهاءالله بهذا الصدد:-
"يرى أكثر الناس محتاجا الى هذه الفقرة اذ لو لم يكن ربح متداول معمول به بين الناس تتعطل وتتعوق الأمور. وقلما يوجد من يوفق بمراعاة أبناء جنسه وأبناء وطنه وإخوانه ويقرضهم قرضا حسنا، لذا فضلاً على العباد قررنا الربح كسائر المعاملات المتداولة بين الناس... ولكن يجب أن يكون الأمر بالاعتدال والانصاف ".
(ترجمة لوح الاشراقات ص 31)
د - في منع استعباد العمال - يمنع بهاءالله الاسترقاق. وقد بين عبدالبهاء ان هذا المنع لا يتناول الرق الشخصي فقط بل يشمل الرق الصناعي. وقد تفضل بسياق خطاب له في عام 1912 عندما كان في الولايات المتحدة: "انكم عملتم عملا صالحا مجيدا فيما بين سنة 1860 وسنة 1865 فإنكم منعتم الرق والاستعباد الزراعي. ولكنكم الآن يجب عليكم أن تعملوا ما هو أعظم وأعجب فتمنعوا الرق الصناعي، فان حل المشاكل الاقتصادية لا يمكن تحقيقه بواسطة مقاومة رأس المال ضد العمل، والعمل ضد رأس المال ولكنه يأتي بواسطة حسن التفاهم بين الجانبين".
فبواسطة الاتفاق والعمل المشترك واقتسام الارباح يمكن حفظ كل من رأس المال والعمل وخدمة الاثنين.
وبموجب التعاليم البهائية يجب أن لا يقتصر الأمر فقط على دفع أجور للعمال وحسب، بل يجب أن يصبح العمال شركاء في العمل الذي يقومون به أي ان يتقاضى العامل علاوة على أجره المعتاد، ربحا معينا يدفع له من مجموع أرباح المعمل كما لو كان شريكا به حتى لا يأل العمال جهدا في العمل للمصلحة وتزول أسباب المنازعة وينعدم الإضراب الضار بمصالح الطرفين.
هـ - في تقسيم التركة والميراث - أخذت بعض الدول المتحررة والأمم المتمدنة مؤخراَ في سن القوانين الخاصة بمسألة تقسيم التركات المهمة وتوزيع الميراث الوفير باسلوب جديد متوخية في ذلك المصلحة العامة ومنافع الجمهور.
فبواسطة فرض ضرائب معينة على التركة تستوفي الخزينة العمومية حصة وافرة من كل تركة وبهذه النسبة تقل حصص المنتفعين المعنيين وهم قلة بينما ينتفع جمهور الناس وعامة الخلق بما تستوفيه الحكومة من تلك التركات.
وقد عالجت التعاليم البهائية هذه المسألة معالجة حكيمة في تعاليمها اذ نصت على وجوب تقسيم الإرث على طبقات متعددة وخص بيت المال بنصيب لا بأس به منه كما أدخل المعلم ضمن الوارثين وعيّن له حصة مفروضة في كل تركة اعزازاً لشأنه وتكريماً لخدمته وتضحيته في سبيل القيام بواجبه المقدس ألا وهو تربية النشء وتعليمه، الأمر الذي عليه مدار إصلاح الأمة وحياة المجموع بأسره....
واذا أمعن المرء النظر في حكمة هذه الأحكام وجد ان مثل هذا التقسيم العادل يحول دون تكدس الثروة بيد أناس معدودين واحتكارها من قبل فئة قليلة، ففي الوقت الذي ينال بيت المال مقادير محترمة من كل تركة ينفقها على المشاريع الخيرية العامة يحصل عدد كبير من أقرباء المتوفى على حصص لا بأس بها ولولا ذلك كان الميراث من نصيب وارث او وارثين فقط.
فاذا اتبعت هذه التعليمات وطبقت فلا شك انه سوف لا يبقى في الهيئة الاجتماعية فقير معدم او يتيم مشرد او مقعد يستعطي معيشته او سواهم من المحتاجين الذين يعج بهم مجتمعنا الحالي، وكل فرد سيعيش في غاية الراحة والاطمئنان مع حفظ المراتب والمقامات التي هي ضرورة اجتماعية للمحافظة على نظام المجتمع الذي هو في الحقيقة كالجيش يحتاج من قائد عام الى أصغر جندي والا فالنظام يختل.
ومن الجهة الاخرى فسوف لا تتكدس الثروات بأيد محدودة في كل مجتمع بينما الأغلبية من الناس في فقر مدقع وحال تعيس.
أما عن الثروات الطبيعية من المواد الخام والمعادن وأمثالها فالبهائية ترى وجوب ادارتها والسيطرة عليها وتوزيعها توزيعا عادلا بين مختلف أمم العالم وشعوبه حسب الحاجة والضرورة من قبل هيئة عالمية ذات صلاحيات كافية لكي لا تحتكر هذه الثروات الطبيعية الهائلة من جانب حكومات معينة ويحرم سائر الأمم والشعوب من الانتفاع بخيراتها. فيجب ان يكون هناك نوع من السيطرة العالمية والادارة الأممية لتحقيق توزيع الثروات الطبيعية في العالم توزيعا عادلا لا غبن فيه لأحد.
وكذلك الحال في المسائل المتعلقة بالاقتصاد العالمي كالعملة مثلا فالبهائية تقترح الاتفاق على عملة عالمية موحدّة يكون استعمالها من قبل الجميع داعيا لتوفير الكثير من الوقت والأتعاب وتلافي خسارات جسيمة تتأتى من جراء تحويل الأنواع المختلفة من العُمل العالمية ذات المعايير والمقاييس المختلفة لدى الشعوب والأمم في وقتنا الحاضر. وكذلك الاتفاق على مقاييس وأوزان وأكيال عالمية مقررة تستعمل في التبادل الاقتصادي والتجاري بين جميع الشعوب والأمم على حد سواء وهذه الوسائط كلها مما تسهل التبادل التجاري والمقايضة بين أمم العالم ويقضي على مصادر كثيرة التعقيد وسوء التفاهم بينهم ويذلل الكثير من الصعاب القائمة اليوم أمام التجارة العالمية، وبالتالي تؤدي الى ازدهار التجارة والاقتصاد العالمي ورفاه الشعوب والأفراد على حد سواء.
وتلتزم البهائية جانب الاعتدال في تحقيق حل المشكلة الاقتصادية ومعالجة اختلال الميزان الاقتصادي العالمي، فهي لا تقر مبدأ القوة واستعماله لنزع ثروات الأغنياء او اجراء المساواة التامة بين العموم في الامور الاقتصادية، اذ ان المساواة أمر لا يمكن تحقيقه في عالم الطبيعة نظراً للتفاوت الطبيعي القائم بين الخلق في القابليات والاستعدادات الذاتية كالتفاوت الموجود في الصور والأشكال الظاهرية، ولكن من المحقق انه باستعمال الحكمة واتباع الانصاف إزاء هذه الكيفية يمكن التوصل الى حل مرض جدا للطبقات العامة ولأصحاب رؤوس الأموال الذين سوف لا يتمكنون من جمع ثروات عظيمة من عمل العمال وتعبهم فيما لو تم الاتفاق بين الطرفين على اقتسام الارباح التي يدرها العمل بصورة تكفل حقوق كل من العامل وصاحب المال وهذا لا يتم الا بواسطة قيام الحكومات بسن القوانين اللازمة ضمن دائرة المنطق والانصاف بحيث يمكن القضاء على الغنى المفرط والفقر المدقع في كل مجتمع.

10تأسيس السلام العالمي :

9 - اتخاذ لغة عالمية:-
تدعو البهائية أبناء العالم الإنساني الى الأخذ بواسطة اخرى من وسائط احلال التفاهم ورفع الاختلافات الناشئة من سوء التفاهم بين مختلف الشعوب والأقوام من جراء تعدد اللغات واللهجات، واسطة أخذ الناس يشعرون بأهميتها وخطورتها في هذا العصر الذي تقاربت فيه الامم المتباعدة وكثر التعامل والتبادل الاقتصادي بينها وارتبطت بعضها ببعض بروابط ثقافية وسياسية وتجارية املتها عليها مصالحها الخاصة ومنافعها القومية، وهذه الواسطة هي اتخاذ لغة واحدة يتفق عليها الجميع وهي اما ان تكون احدى اللغات الحية او توضع وضعاً وتصبح على الفور أداة التخاطب والتفاهم العالمي بين مختلف الشعوب والأمم. على ان تدرس هذه اللغة في مدارس العالم جميعا بحيث لا يحتاج كل شعب وكل أمة الا لغتين يتعلمها وهما لغته الأصلية التي يتفاهم بواسطتها مع افراد جنسه وبني أمته واللغة العالمية التي يستعملها في التخاطب مع عموم أبناء العالم ولا يحتاج الناس بعدئذ الى صرف جهود مضنية وعمر مديد في تعلم اللغات العديدة واللهجات المختلفة، وما لم يتحقق ذلك فسيظل سوء التفاهم الناشئ من جهل الانسان بلغة أخيه الانسان وعجزه عن التفاهم معه يجر العالم الى كوارث وأزمات خانقة لا يمكن القضاء عليها الا عن طريق التفاهم التام بواسطة لغة عالمية رسمية يتعلمها الجميع بلا استثناء.
يقول بهاءالله:-
"الإشراق السادس اتحاد العباد واتفاقهم فلم تزل آفاق العالم مستضيئة بنور الاتحاد والسبب الأعظم في ذلك معرفة بعضهم لغة بعض وكذلك الخط. إنَّا أمرنا أمراء بيت العدل من قبل في الألواح أن يختاروا لغة من اللغات الموجودة او يبتدعوا لغة جديدة وكذلك يختاروا خطاً من الخطوط ويعلموا به الأطفال في مدارس العالم. حتى يشاهد العالم وطناً واحداً وأرضاً واحدة". (لوح الاشراقات المعرّب)
وفي الوقت الذي كان فيه بهاءالله أول من أشار على العالم بعمل ذلك ولد في بولندا من يدعى "لودفيك زامنهوف" وكان من نصيبه ان يلعب دوراً هاما في تنفيذ هذه الفكرة وحصر أوقاته وأفكاره في ابتداع لغة تدعى بالاسبرانتو وسرعان ما انتشرت هذه اللغة البسيطة في العالم واصبح لها دعاة ومروجون منتظمون في معظم انحاء المعمورة. وسواء اصبحت هذه اللغة بعينها اللغة العالمية أم اتفق على غيرها، فالامر المهم في ذلك هو شعور العالم الإنساني الشديد الى وسيلة تخاطب وتفاهم عالمي متفق عليه كما اتفق على اشارات مورس التلغرافية وسائر المصطلحات والاشارات العلمية العالمية المستعملة اليوم من قبل الجميع.

9- اتخاد لغة عالمية

9 - اتخاذ لغة عالمية:-
تدعو البهائية أبناء العالم الإنساني الى الأخذ بواسطة اخرى من وسائط احلال التفاهم ورفع الاختلافات الناشئة من سوء التفاهم بين مختلف الشعوب والأقوام من جراء تعدد اللغات واللهجات، واسطة أخذ الناس يشعرون بأهميتها وخطورتها في هذا العصر الذي تقاربت فيه الامم المتباعدة وكثر التعامل والتبادل الاقتصادي بينها وارتبطت بعضها ببعض بروابط ثقافية وسياسية وتجارية املتها عليها مصالحها الخاصة ومنافعها القومية، وهذه الواسطة هي اتخاذ لغة واحدة يتفق عليها الجميع وهي اما ان تكون احدى اللغات الحية او توضع وضعاً وتصبح على الفور أداة التخاطب والتفاهم العالمي بين مختلف الشعوب والأمم. على ان تدرس هذه اللغة في مدارس العالم جميعا بحيث لا يحتاج كل شعب وكل أمة الا لغتين يتعلمها وهما لغته الأصلية التي يتفاهم بواسطتها مع افراد جنسه وبني أمته واللغة العالمية التي يستعملها في التخاطب مع عموم أبناء العالم ولا يحتاج الناس بعدئذ الى صرف جهود مضنية وعمر مديد في تعلم اللغات العديدة واللهجات المختلفة، وما لم يتحقق ذلك فسيظل سوء التفاهم الناشئ من جهل الانسان بلغة أخيه الانسان وعجزه عن التفاهم معه يجر العالم الى كوارث وأزمات خانقة لا يمكن القضاء عليها الا عن طريق التفاهم التام بواسطة لغة عالمية رسمية يتعلمها الجميع بلا استثناء.
يقول بهاءالله:-
"الإشراق السادس اتحاد العباد واتفاقهم فلم تزل آفاق العالم مستضيئة بنور الاتحاد والسبب الأعظم في ذلك معرفة بعضهم لغة بعض وكذلك الخط. إنَّا أمرنا أمراء بيت العدل من قبل في الألواح أن يختاروا لغة من اللغات الموجودة او يبتدعوا لغة جديدة وكذلك يختاروا خطاً من الخطوط ويعلموا به الأطفال في مدارس العالم. حتى يشاهد العالم وطناً واحداً وأرضاً واحدة". (لوح الاشراقات المعرّب)
وفي الوقت الذي كان فيه بهاءالله أول من أشار على العالم بعمل ذلك ولد في بولندا من يدعى "لودفيك زامنهوف" وكان من نصيبه ان يلعب دوراً هاما في تنفيذ هذه الفكرة وحصر أوقاته وأفكاره في ابتداع لغة تدعى بالاسبرانتو وسرعان ما انتشرت هذه اللغة البسيطة في العالم واصبح لها دعاة ومروجون منتظمون في معظم انحاء المعمورة. وسواء اصبحت هذه اللغة بعينها اللغة العالمية أم اتفق على غيرها، فالامر المهم في ذلك هو شعور العالم الإنساني الشديد الى وسيلة تخاطب وتفاهم عالمي متفق عليه كما اتفق على اشارات مورس التلغرافية وسائر المصطلحات والاشارات العلمية العالمية المستعملة اليوم من قبل الجميع.

8- محو جميع التعصبات :

8 - محو التعصبات بأنواعها:-
ان مبدأ الدين البهائي الخاص بوحدة البشر يقضي على سبب اخر من اسباب الحروب قضاء مبرماً، ألا وهو التعصب "الجنسي" فبعض الأقوام يدعون انهم أعلى وأرفع مقاماً من غيرهم واتخذوا قاعدة "بقاء الأنسب" شعاراً لهم ويعنون ان رياستهم وتفوقهم "السلالي" يعطيهم الحق في ان يستأثروا بمنافع الأقوام الضعيفة الأخرى حتى وان يستأصلوهم، وأكثر صحائف التاريخ سواداً ما تضمّن الحوادث الكثيرة التي طبقت فيها هذه القاعدة بلا رحمة ولا شفقة. وأما في الديانة البهائية فكل أمة لها مقام مساوٍ لغيرها من الأمم في نظر الله ولكل منها مواهب عجيبة خاصة بها ويمكنها أن تقوم بعمل يساعد على إكمال حياة الأمم الأخرى بدلاً من إنقاصها. ويقول عبدالبهاء (مترجما):-
"اما بخصوص التعصب ‘الجنسي’ فهذا وهم وخرافة واضحة لأن الله خلقنا جميعاً جنساً واحداً.. ومنذ الابتداء لم تكن هناك حدود بين البلدان المختلفة فلا يوجد في الارض جزء مملوك لقوم دون غيرهم، وفي نظر الله لا يوجد فرق بين الأمم المختلفة، فلماذا يخلق الانسان مثل هذا التعصب ولماذا تقام الحروب من أجل وهم باطل كهذا؟.. فلم يخلق الله الخلق ليهلك بعضهم بعضاً، فجميع الأمم والقبائل والأجناس متساوون أمام مواهب أبيهم السماوي... ولا فرق بينهم في الحقيقة الا في درجة الاخلاص والطاعة للقوانين الإلهية. فبعضهم كالمصابيح المنيرة وغيرهم كالنجوم.. وهم يضيئون جميعاً في سماء الإنسانية... والذين يحبون الإنسانية هم من أعلى البشر، لا فرق بين لون او جنس او ملة او دين".
ومن التعصبات الرديئة التي تلحق بالتعصب "الجنسي" التعصب السياسي او الوطني فقد حان الوقت لأن تندمج الوطنية الضعيفة ضمن الوطنية العمومية الكبرى التي يكون فيها الوطن عبارة عن العالم بأجمعه فيقول بهاءالله:-
"قد قيل في السابق حب الوطن من الايمان، ونطق لسان العظمة في يوم الظهور ليس الفخر لمن يحب الوطن بل لمن يحب العالم، وبهذه الكلمات العاليات علَّم أطيار الأفئدة طيراناً جديداً ومحا التحديد والتقليد".
(معرب من لوح العالم - مجموعة مصر، ص 285)

ومن الواضح ان بعثة الانبياء لم تكن تهدف الا لغرض توحيد كلمة البشر وجمع شملهم وربطهم بعرى المحبة والتعاون والاتفاق لتستقيم أحوال المجتمع البشري وتتحكم أسس السعادة والرفاه للجميع، بيد انه من المعلوم ويا للاسف ان كثيرا ما أسيء فهم التعاليم السماوية والنصائح المشفقة الربانية التي جاء بها اولئك الانبياء فظهرت بين تابعيهم ومروجي عقائدهم البدع المخالفة والتعاليم الباطلة والاوهام السقيمة وبالتالي الوان من التعصبات المميتة الشنيعة كالتعصبات الجنسية أو العرقية والتعصبات الوطنية والتعصبات الطبقية والتعصبات اللونية والتعصبات اللغوية وجرى الجميع وراء الاطماع المادية بروح التفوق والاستعلاء ونشأت الاطماع الاستعمارية ووقعت الحروب الطاحنة لاجل امتلاك الاراضي والتوسع الاقليمي على حساب الأمم الضعيفة والشعوب المتأخرة واشتدت روح العداء والبغضاء بين الامم والشعوب وباتت الحروب تجر الحروب ولكن على مقياس أوسع وأوسع وتهدد الجنس البشري بالفناء والدمار في عاقبة الامر.ان التعاليم البهائية ترمي الى محو التعصبات كافة لانها هادمة لبنيان العالم الإنساني وكيانه، جالبة لشقائه وتعاسته وبلائه، ولن تسود الراحة والاطمئنان ولن يستقر الصلح والسلام بين الأنام ما لم تنبذ تلك التعصبات المهلكة نبذا تاما ويعامل الناس بعضهم بعضا بنهاية المحبة والعدل والاخاء مؤمنين بمبدأ وحدة البشر، وان لا فضل لانسان على انسان الا على قدر عمله وخدمته لعالم الانسان

7-الاستقلال في تحري الحقيقة:

7 - الاستقلال في تحري الحقيقة:-
ان بهاءالله يأمر أتباعه بالانصاف وهو تجرد الانسان عن الوهم والتقليد ومتابعة الآخرين في آرائهم ومعتقداتهم بلا روية ولا إمعان الفكر في معرفة الحق من الباطل وتمييز الظل من الحقيقة، فعلى كل انسان أن يتحرى الحقيقة لنفسه بنفسه ويرى الأشياء بعينه لا بعين غيره ويسمع الأمور بأذنه لا بأذن غيره. وقد كان نداء جميع الانبياء للبشر أن يفتحوا أعينهم لا أن يغمضوها وان يتبعوا العقل لا أن يخمدوه، فلن يقدروا على ان يخترقوا سحب الأوهام ويخلعوا قيود التقليد الأعمى ويصلوا الى التحقق من صدق الدين والأمر الجديد الا بامعان النظر الصحيح وبحرية التفكير لا بالايمان التقليدي التذللي، فالذي يرغب أن يكون بهائياً يلزمه أن يفحص عن الحق بدون خوف ولا وجل الا انه يلزمه ان لا يقصر ابحاثه على المستوى المادي بل عليه ان يتيقظ روحياً كما يستيقظ مادياً وعليه ان يستعمل جميع القوى التي أعطاها له الله ليصل الى الحقيقة وان لا يعتقد شيئاً بدون أن يثبت عنده ثبوتاً عقلياً صحيحاً، واذا كان قلبه طاهراً وعقله وفكره خالياً من التعصبات فان بحثه عن الحقيقة لا بد وان يهديه ولا يلبث ان يرى جمال البهاء الإلهي في أي هيكل تجلى فيه. فالدين الحق لم يكن في أي وقت تقليديا ولو فرض وأصبح على هذه الصورة فان الطريق الموصل الى الحياة سيضيق ولن يجده الا القليل.
فليس للبهائي بأي حال من الأحوال أن يضغط على غيره ليتبع آراءه لو كان لا يريد ان يستمع له، فلا يجتهد في ان يسوق الناس الى ملكوت الله بل يشوقهم ويجذبهم فيكون كالراعي الصالح الذي يرعى قطيعه وهو يبهجه بتغنياته.
ان معظم الحروب الدموية التي لطخت تاريخ البشرية وغيرها من النكبات والرزايا التي جرّتها الاختلافات والعداوات والتعصبات الجاهلية التي سادت بين الناس قروناً لا عداد لها في الماضي، نشأت بسبب التقاليد الموروثة والجري الأعمى على ما رسمه الآباء والأجداد من سنن وعادات كان معظمها ناشئاً عن خروج الرؤساء وقادة الملل والأقوام على قاعدة "تحري الحقيقة"، واعتسافهم وعدم انصافهم في الحكم على آراء الغير وموقفهم العدائي تجاه كل محاولة يراد بها تطهير الانسان من فساد الطبيعة وظلمة الجهل والسير بالانسانية الى الامام تبعاً لناموس التقدم والارتقاء.
وكما ان مبدأ وقاعدة "تحري الحقيقة" هو الاساس الصحيح والأس الأعظم الذي تأسس عليه صرح الحضارة البشرية والتقدم المادي في العلوم والفنون والمعارف الكونية، فكذلك الأمر فيما يتعلق بالحياة الروحية للانسان وصعوده سلّم الرقي والتقدم الروحي، فارتقاؤه البطيء المستمر في هذه الناحية قد تم فعلاً بأثر الفيوضات المعنوية والالهامات الغيبية التي أفاضت بها عليه العناية الربانية بواسطة الأنبياء والرسل المتتابعين، فقبول أنوار الهداية المشرقة من تعاليم هؤلاء المعلمين العظام واتباع أوامرهم والأخذ بمبادئهم وسننهم انما جاء عن طريق الايمان بحقيقتهم أولا، وكان هذا الايمان وليد "تحري الحقيقة" وقبول "الحق" الظاهر في كل واحد منهم على التتابع والتوالي. وعلى العكس من ذلك صار جمود أصحاب كل دين على تقاليدهم الموروثة وعدم استعدادهم وميلهم "لتحري الحقيقة" في الدعوة الدينية الجديدة سبباً في حدوث الاختلافات الدينية الشديدة والانقسامات الخطيرة ووقوع المعارك الدموية المديدة بين أصحاب الأديان المختلفة بدلا من أن تكون الدعوة الجديدة سببا في توحيد الكلمة والاجتماع على الحقيقة الواحدة لو تحراها الجميع برائد المحبة والاخلاص.
ويستدل من التعاليم البهائية ان النزاع القائم بين الأديان والمذاهب المختلفة لم يكن في الحقيقة ناشئاً ومسبباً عن أصل الدين نفسه، بل عن فقدان الدين وضياع جوهره واستبداله بالطقوس والتقاليد والخرافات والأوهام التي ما أنزل الله بها من سلطان. يقول عبدالبهاء (مترجما):-
"ان الدين الإلهي يجمع القلوب المتفرقة ويزيل المنازعات والحروب عن وجه البسيطة فيخلق الدين روحانية ونورا وحياة لكل نفس. ولو يكون الدين سبباً للعداء والبغضاء والانقسام، فعدم التدين أولى وترك مثل هذا الدين هو الحق. لأن الدين هو الدواء والغرض من الدواء هو الشفاء، فاذا كان الدواء مسبباً لازدياد المرض فالأولى تركه... فأي دين لا يكون سبباً للمحبة والاتحاد فانه ليس بدين ".

الدين يجب أن يكون سبب الالفة والاتحاد بين الجميع

6 - الدين يجب أن يكون سبب الألفة والاتحاد بين الجميع:-
ان هذا المبدأ البهائي ينير أمام أهل العالم الطريق الذي يجب عليهم سلوكه لتحقيق الغرض الذي من أجله بعثت الأنبياء وسطرت كتبهم المقدسة، فالدين في نظر البهائي هو ما حقق غاية الله في خلقه ألا وهي معرفة الله في معرفة مظاهره والمتكلمين بلسانه في كل عصر، وهي محبة الله، ومحبة الله تقتضي محبة خلقه والخدمة لإخوانه في البشرية بلا تفريق ولا تمييز. فالدين الحقيقي اذا ما صار سبب المحبة والألفة والاتفاق بين الجميع ليحقق الغرض الذي من أجله تأسس، أما اذا صار سبباً في العداوة والبغضاء والعمل على القطيعة والشحناء بين مختلف الملل والأقوام فعدم مثل هذا الدين بلا شك خير من وجوده.
وتكلم عبدالبهاء ذات يوم مع قسيس مسيحي بما يأتي (مترجما):
ان الغرض من بعثة الأنبياء وإرسال الكتب ترويج قانون المحبة... فلنجتهد في الاتصاف بصفة المحبة ونزداد فيها الى درجة نغلب بها على كل مقاومة ونصل الى التي تغلب كل الأعداء ".
وقال ايضا:-
"لأن تكون بهائياً يلزمك أن تحب العالم وتحب الإنسانية وأن تجتهد في خدمتها. وتعمل للسلام العام والأخوّة العامة".
ينادي بهاءالله قائلا (معربا):-
"يا أهل الارض ان الفضل في هذا الظهور الأعظم هو إنا محونا من الكتاب كل ما هو سبب الاختلاف والفساد والشقاق، وأبقينا فيه ما هو سبب الاتحاد والوفاق والوئام نعيماً للعاملين". (لوح العالم)
ويأمر أتباعه بالتسامح الكلي والمحبة الخالصة قائلا:-
"عاشروا يا قوم مع الأديان كلها بالروح والريحان". (كتاب الأقدس)
وفي وصيته الأخيرة يقول:-
"قد نهيناكم عن النزاع والجدال نهياً عظيماً في الكتاب، هذا أمر الله في هذا الظهور الأعظم وعصمه من حكم المحو وزينه بطراز الإثبات".
فالبهائيون بموجب هذا المبدأ عليهم أن يحبوا كل إنسان عن حقيقة واخلاص دون نظر الى معتقداته وأن لا يحسبوا أحداً أياً كان عدواً لهم.
يقول الدكتور ج.ا. اسلمنت في كتابه "بهاءالله والعصر الجديد":-
"ان العالم لم يشهد أبداً بعداً عن الوحدة الدينية أكثر مما شاهده في القرن التاسع عشر. فقد عاشت الأديان العظيمة قرونا عديدة بجانب بعضها البعض كالإسلام والمسيحية والبوذية والزردشتية وغيرها، وبدلا من أن تكون مرتبطة مع بعضها بالألفة والمحبة لتكوّن مجموعا مؤتلفاً متحداً، فانها كانت دائماً على العكس متباغضة متعادية ولم يقتصر أمر الاختلاف على ذلك بل ان كلا منها انقسم ايضا الى جملة فرق شديدة العداء بعضها لبعض رغم ما أوصى المسيح بقوله:-
"من اجل ذلك يعرفكم جميع الناس إنكم تلاميذي اذا كنتم تحبون بعضكم البعض".
وقوله تعالى في القرآن سورة الشورى 13:-
"شرع لكم من الدين ما وصّى به نوحا والذي أوحينا اليك وما وصينا به ابراهيم وموسى وعيسى ان أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه".
فمؤسس كل دين من الاديان العظيمة دعا أتباعه الى المحبة والوحدة، الا انه أهمل قصد الشارع في كل منها إهمالا عظيما وتناساه الناس وترك في وسط من التعصب وعدم التسامح والتقاليد والتعصبات والمنازعات. وكان عدد المذاهب المختلفة والفرق المتعادية في العالم عند أول ظهور البهائية أكبر منه في أي عهد سابق في تاريخ البشر... وفي الوقت الذي وصل فيه النزاع والجدال والاختلاف بين الأقوام الى أشده قام بهاءالله ونفخ في صوره العظيم ونادى:-
"أن يتحد جميع العالم على دين واحد، ويصبح جميع الناس اخواناً وتتوثق عرى المحبة والاتحاد بينهم وتزول الاختلافات الدينية، وتمحى الاختلافات بين جميع البشر... ومع ذلك فلابد أن تزول هذه المنازعات والمخاصمات، ويزول هذا السفك للدماء ويكون الناس جنساً واحداً وأسرة واحدة".

5- وحدة العلم الانساني

5 - وحدة العالم الإنساني:-
ان جميع أمم العالم في نظر البهائية أخوة رغماً عما تصوره المتصورون من عوامل التفريق والتمييز الوهمي.
والواجب في أمر التفضيل عند البهائي أن يكون قائماً على التربية والتعليم ويجب على الكاملين والفضلاء من أعضاء الهيئة الاجتماعية البشرية أن يسدوا هذا النقص - نقص الجهل والخلو من التربية - فيجب والحالة هذه تعليم الجهال وتربيتهم والأخذ بيد المتأخرين في ميادين الحياة وإنهاضهم الى المستوى اللائق ولا يصح بحال من الأحوال الاستهانة بهم وإهمال أمرهم.
ان أشهر تعاليم بهاءالله وأهم مبادئه في هذا العصر الجديد هو اعلان "وحدة عالم الانسان" ولقد نادى بهاءالله بهذا المبدأ وأعلنه في وقت كانت الإنسانية غارقة في لجج التعصبات المانعة لمثل هذا النور الذي جاء به ليكشف عنها ظلمات العداوة والتفريق بين أفرادها.
خاطب بهاءالله أبناء العالم بقوله:-
"كلكم أثمار شجرة واحدة وأوراق غصن واحد"
ونادى أيضا:
"ليس الفخر لمن يحب الوطن بل لمن يحب العالم"
_________________________
(*) مترجم عن مجلة نجمة الغرب، المجلد الثامن، العدد الثالث، الصفحة 4.

فأشهر تعاليمه وأسماها اتحاد بني البشر وجميع الخلق في الله. ومن ذلك ايضا
تتبين وجهة الاتحاد بين الدين الحق وبين العلم وتتجلى وحدة الكون وارتباط أجزائه بعضها ببعض فأبحاث علماء الفلك مرتبطة مع أبحاث علماء الطبيعة والكيمياء والتاريخ وعلم النفس والاجتماع ارتباطاً لا انفكاك فيه، فكل اكتشاف جديد في أي نوع منها يضيء بنوره على الأنواع الأخرى فكما اظهر العلم الطبيعي أن كل ذرة من هذه الذرات في هذا الكون قد تجذب وتؤثر على الذرات الأخرى مهما كانت بعيدة وصغيرة، كذلك علم النفس قد أثبت أن كل روح في عالم الكون ترتبط بالأرواح الأخرى وتؤثر عليها. وقد أشار البرنس كروباتكين في كتابه (المساعدة المتبادلة) الى ان المساعدة المتبادلة أمر ضروري لاستمرار الحياة حتى بين صغار الحيوانات، فكل فرد يعيش للمجموع والمجموع يعيش لكل فرد، وهذه هي القاعدة الوحيدة التي على مقتضاها يقدر العالم أن يعيش في رغد من الحياة.
ان جميع علامات الأزمان تدل على اننا الان في فجر عصر جديد في تاريخ الجنس البشري يصح تسميته "عصر وحدة العالم الإنساني" او "عصر الاتحاد". وان فرخ نسر الإنسانية معلق للآن بوكر صخرة الأطماع المادية القديمة الصماء، فهو للآن يخاف من بسط أجنحته للطيران مع انه كان من قبل يشتاق الى أمر أعلى وأجل مما كان فيه فهو يتردد في ضيق التقاليد والأوهام القديمة، ولكن الان انتهى عصر ذلك الضيق فهو قادر الان على الطيران بأجنحة الايمان والعقل الى العوالم العليا، عوالم المحبة والوحدة، والحقيقة الروحانية، ولن يعود يتقيد بالتراب كما كان قبل نمو أجنحته، بل يصعد في هواء الفضاء الوسيع المطلق والحرية التامة والوحدة الشاملة، ولا يلزمه الا أمر واحد وهو أن يكون طيرانه محققا وباستمرار فلا يلزمه فقط أجنحة قوية، بل ان تسير هذه الأجنحة في الفضاء بالتوازن والتساوي التام.
وفي رسالة لبهاءالله خاطب أهل العالم بقوله (مترجما):
"قد ارتفعت خيمة الاتحاد، فلا تنظروا بعضكم بعضا كغرباء، أنتم جميعاً أثمار شجرة واحدة وأوراق غصن واحد،.. ليس العالم الا وطن واحد والبشر سكانه..." (لوح مقصود).
وشبه عبدالبهاء أبناء البشر بأزهار حديقة واحدة حيث يقول (مترجما):
"لاحظوا أزهار الحدائق فمهما اختلف نوعها وتفاوت ألوانها وتباينت صورها وتعددت أشكالها انها لما كانت تسقى من ماء واحد وتنمو من هواء واحد وتترعرع من حرارة وضياء شمس واحدة فان تنوعها واختلافها يكون سببا في ازدياد رونقها وجمالها. وكذلك الحال اذا برز الى حيز الوجود أمر جامع - وهو نفوذ كلمة الله - اصبح اختلاف البشر في الآداب والرسوم والعادات والأفكار والآراء والطبائع سببا لزينة العالم الإنساني". (خطب عبدالبهاء طبع بيروت، ص 6)
ان مبدأ وحدة العالم الإنساني هو المحور الذي تدور حوله تعاليم بهاءالله بل هو في الواقع هدفها الأعلى الرفيع، يقول عبدالبهاء (مترجما):
"كل عصر كان نور الهداية الإلهية َسلطاً على موضوع أساسي واحد، وفي هذا الدور العجيب والقرن المجيد أساس دين الله وطلعة شريعته النوراء معرفة وحدة البشر".
ويقول ايضا في مقام اخر (مترجما):
"ان جميع البشر هم عباد الله الأكبر، وان الله خالق الكل ورازق الكل ومحيي الكل، كما انه رؤوف بالكل، وجميع الناس يكوّنون الجنس البشري، فالتاج الإنساني زينة لكل رأس وخلعة الموهبة الإلهية لكل هندام والكل عباد الله وهو بهم جميعا رؤوف رحيم وعنايته تشمل الكل... وكل ما في الأمر ان بعض الناس ما زالوا كالأطفال لم يصلوا الى مرحلة البلوغ، وهؤلاء يجب علينا ان نربيهم حتى يبلغوا أشدهم، او ان بعضهم مرضى يجب علينا ان نعالجهم حتى يظفروا بالشفاء، او ان بعضهم جاهل يجب تعليمهم حتى يعلموا ويدركوا، ولا ينبغي ان نعتبر هؤلاء أشراراً وننفر منهم، بل يجب علينا أن نكون أشد رأفة بهم لانهم أطفال أو مرضى أو جهلاء". (خطب عبدالبهاء طبع بيروت، ص 157-158)
ويقول عبدالبهاء في مقام اخر (مترجما):
"... ولو ان الوفاق والاتحاد كان مؤسساً في الأدوار الماضية، الا انه بالنظر الى غياب الوسائل ما كان يمكن تحقيق وحدة عموم البشر فقارات العالم بقيت مقسمة تقسيماً كبيراً، وحتى بين شعوب القارة الواحدة كان التعاون والتبادل الفكري يكاد يكون مستحيلا، ولذلك كان التعامل والتفاهم المشترك والاتحاد بين شعوب الارض ومللها كافة غير ممكن. أما اليوم فقد ازدادت وسائل المواصلات وصارت القارات الخمس في الحقيقة قارة واحدة... وهكذا الحال ايضا بين أفراد العائلة الإنسانية شعوبا وحكومات، مدناً أم قرى، أصبح اعتمادها على بعضها البعض يزداد لان الاكتفاء بالذات غير ممكن طالما ان الروابط السياسية توحد الأمم والشعوب كافة، والعلاقات التجارية والصناعية والزراعية والعلمية تزداد قوة في كل يوم.
من هنا نرى ان اتحاد البشر أمر ممكن في هذا اليوم... انظروا كيف يشرق نوره الآن على أفق العالم !... فالمصباح الاول هو الاتحاد في عالم السياسة وبوادر تلألئه يمكن مشاهدتها اليوم... والمصباح الثاني هو الاتحاد الفكري... وسيشاهد تمامه على مر الأيام، والمصباح الثالث هو الاتحاد في الحرية وهذا سوف يتحقق بالتأكيد والمصباح الرابع هو الاتحاد في الدين وهو الحجر الأساسي وسوف يظهر بقدرة الله في أشد سطوع وضياء. والمصباح الخامس هو وحدة العالم، الوحدة التي سوف تتأسس بكل طمأنينة في هذا القرن وفيها يرى شعوب العالم كافة أنفسهم سكان وطن واحد. والمصباح السادس هو وحدة الأجناس، وبه يصير كل من على الارض شعوبا وقبائل لجنس واحد. والمصباح السابع وحدة اللغة، بمعنى اختيار لسان عام تتعلمه الشعوب كافة وتتحادث به. وجميع هذا كائن بما أن قوة ملكوت الله سوف تعاون وتساعد على تحقيقه".
(معرب من مكاتيب عبدالبهاء، الجزء الاول، ص 356-358)

4- مساواة الرجل بالمرأة

4 - مساواة حقوق الرجل والمرأة:-
ان البهائية تقول باستواء الرجل والمرأة لأن الواجب في التفضيل ان يقوم على أساس حقيقي وهو العلوم والكمالات والفضائل والخصال ذات القيمة عند الله لا على المبنى الصوري المرتكن على الفروق الصورية والظواهر.
لا يوجد أي فرق حقيقي بين الرجل والمرأة، ان الله عز وجل خلقهما جميعا وجعل كليهما ركني النسل الذي لا يتم الا بهما معاً وسمى كلا منهما بالانسان وكل منهما يحمل الروح الإنساني وكل واحد منهما محتاج الى الآخر ولا يمكن أن يعيشا الا معاً، ومن هنا يعرف سر المساواة بينهما. وكما ان الرجل مسؤول أمام الدين وأمام الهيئة كذلك المرأة.
وفي الأجزية والمكافآت لا فارق بينهما، فالمرأة يقع عليها نفس القصاص الذي يقع على الرجل بتعرضه لما يستوجبه والمكافأة التي يستحقها الرجل على عمل ما تستحقها المرأة اذا أتت بنظير هذا العمل. والواسطة العظيمة التي يعتمد عليها في تحرير المرأة هو التعليم العام فيكون للبنات حظ من التربية والتعليم كالصبيان. وفي الحقيقة ان تعليم البنت وتربيتها وتثقيفها أهم وأولى من تعليم الصبي، لأنها سرعان ما تصبح أمَّاً وتصير أول معلمة للجيل القادم. والأطفال هم كالأغصان الرقيقة اليانعة، فاذا كان التعليم الأولي سليماً صحيحاً تنبت الأغصان سليمة مستقيمة. وأما اذا كان ناقصاً فتنمو معوجة وتتأثر في نهاية حياتها من تأثير تربية السنين الأولى، فما أجمل التربية والتهذيب للبنات.
وقد كان لعبدالبهاء فرص عديدة أثناء سياحته في البلاد الغربية لتوضيح وترويج مبادئ البهائية وتعاليمها التي أسسها والده بهاءالله ومن جملتها التعليم الخاص بتساوي حقوق الرجل والمرأة. ففي مؤتمر اجتماع حرية المرأة في لندن في يناير سنة 1913 قال (مترجما):
"ان الإنسانية كالطائر ذي الجناحين أولهما الذكر والآخر الأنثى وما لم يكن الجناحان قويين تحركهما قوة واحدة فان الطير لا يقدر ان يطير نحو السماء. فتبعا لروح هذا العصر يجب ان تتقدم النساء ليتممن رسالتهن في الحياة ولهذا يجب ان يتساوين مع الرجال. ان أحد تعاليم بهاءالله المهمة هو أن تصبح النساء في مستوى واحد مع الرجال وان يتمتعن بحقوق وامتيازات وفرص مساوية لحقوق الرجال وفرصهم وامتيازاتهم... والآن يجب على النساء ان يمضين في التقدم وان يوسعن معلوماتهن في العلوم والآداب والتاريخ لاجل إكمال الإنسانية. فعن قريب سوف ينلن حقوقهن ويعلم الرجال ان النساء جادات في عملهن ويحافظن على كرامتهن ويترقين في الحياة السياسية والمدنية. ويقفن حجر عثرة في سبيل الحرب ويطالبن بحقوق الانتخاب والمساواة في كل الامتيازات التي يتمتع بها الرجال".
وفي الحقيقة سوف نشاهد تقدما محسوسا في الأمور التي كانت مهملة في السابق إهمالا عظيما بسبب تسلط الرجال عندما تجاب مطالب النساء ويكون لهن صوت مسموع في تنظيم الامور والأحوال الاجتماعية وذلك كتقدم الصحة، والاعتدال في المعيشة، وبسط السلام، وتنظيم الحياة الخاصة وسيكون لهذه التحسينات نتائج طيبة خيِّرة ذات أثر بليغ.
وفي مناسبة أخرى تكلم عبدالبهاء في هذا الموضوع ومما قاله: "... كان العالم القديم محكوماً بقوة الرجال، وكان للرجل التسلط التام على المرأة بسبب ما اتصف به من القوة والتعدي الجسماني، ولكن الميزان الآن آخذ في الاعتدال وأخذت القوة تفقد سلطتها والمهارة العقلية والصفات الروحانية والمحبة والخدمات النسائية أخذت تتغلب على ما كان للرجال من قوة، فسيكون الجيل القادم أميل الى الآراء النسائية وبعبارة أوضح سيكون جيلا تتوازن فيه أصول المدنية النسائية والرجالية ".(*)

3- التعليم الاجباري

3 - التعليم الإجباري:-
ان البهائية تفرض التربية والتعليم وتجعل ذلك أمراً إجبارياً وفريضة ملزمة وتكلف الآباء القيام حتماً بتعليم الأبناء وتربيتهم وتوجب على الحكومة مراقبة ذلك تمام المراقبة، فإن رأت تقصيراً من الآباء في إجراء هذا الفرض قامت هي بمباشرتها رغماً عن المقصر وتقاضت منه النفقة، وان كان التقصير ناجماً عن عسر الوالدين لزمها هي الإنفاق.
وتفرض التعاليم البهائية تعلّم الصنائع والفنون الى جانب العلوم المفيدة المثمرة وتؤكد على أمر تربية البنت وتعليمها تأكيداً شديداً، كيف لا وهي ستصبح عما قريب أماً يتحتم أن تكون مربية ذات كفاءة وعارفة بما يجب عليها نحو من تقوم بتربيتهم. أليست حضانة الأم وكفالتها هي المدرسة الأولى للطفل؟ أليست أمه هي المعلمة الأولى له؟
وبديهي ان حسن تربية الطفل تكون بنسبة كمال وكفاية تعليم الوالدة فهي المؤسسة لتربية الطفل وحياته فلو كان الأساس معوجاً فلا محالة اذاً أن يكون كل ما يبنى عليه ضعيفاً مختلاً.
وتصرّح التعاليم البهائية ان الإهمال في تربية الطفل ذنب لا يغتفر وان موت الطفل خير له من أن يترك بلا تعليم. ويجب تساوي البنت مع الولد في حقها في التعليم بكافة مراحله تساوياً تاماً وفي حالات معينة يرجح تعليم البنت وتربيتها على تعليم الولد وعندها تتولى الحكومة أمره كما مرّ باختصار. ولقد نادت البهائية بهذا المبدأ وأعلنته منذ أكثر من مائة وخمسين سنة حينما لم يكن للمرأة شأن في المجتمع بل لم تجوّز العادات والتقاليد تعليم البنت وتثقيفها واعتبرت ذلك خروجاً على سنن المجتمع وحتى مروقاً من الدين !.. ومن جملة الضحايا والقرابين العزيزة التي قدمتها البهائية - وهي في أول نشأتها - لترويج مبدأ التربية والتعليم والمناداة بحق المرأة فيه ومساواتها مع الرجل في سائر الحقوق والامتيازات والفرص، كانت نفس الشاعرة الملهمة والعالمة الفاضلة (قرّة العين) الطاهرة، فهي التي ألهبت بنات جنسها في ايران في ذلك العهد المظلم بحماس نادر بقصائدها وأشعارها وخطبها الحماسية التي تناقلتها الألسن لا في ايران فقط بل وفي سائر أقاليم الشرق وأهابت بهن للمطالبة بحقهن الطبيعي في اكتساب العلوم وتحصيل الفنون كالرجال ونددت بذلك الكفن الأسود الذي لفتها به تقاليد المجتمع الهزيل.
وبمقتضى التعاليم البهائية يجب الشروع بتربية الطفل وتثقيفه بالعلوم والمبادئ الدينية والعلمية معاً في برنامج واحد. وكما ان المعلم الصادق الحاذق يرمي بتلقين العلوم للنشء الى ان تأخذ مكانها من أذهانهم وأفهامهم سالكاً بهم مسالك التفهيم الفعال ومربياً لقوة النقد والفهم فيهم ومبتعداً بهم عن ان يصيروا كالببغاء الذي ينطق بما لا يفهم ويهرف بما لا يعرف، كذلك يجب عليه في تلقين الدروس الدينية أن يحذو حذو هذا المسلك ويترسم هذا المنهج كل الترسم مبالغاً في التفهيم والتنوير بحيث يشعر الناشئ ان الدين هو المصدر الأكبر لخلاص العالم وبحيث يشب على محاسن الأخلاق وكرم الشيم.

2- اتفاق الدين والعلم

2 - اتفاق الدين والعلم:-
ان البهائية بناء على تعاليمها الأساسية لا تقبل الخرافات والأباطيل وتعتبر ان للظواهر التي تغاير (في أول النظر) العلوم التحقيقية حقائق تأويلية معنوية، وان ألفيت فرضاً تعليمات حرفية تتناقض مع العلم والعقل السليم ولم يوجد لها تأويل صحيح ولا تفسير ينطبق على البرهان الصريح، اعتبرتها البهائية مجرد أوهام ولا لوم عليها في ذلك. ومن تفاريع هذه القاعدة الوطيدة ان البهائيين يعتقدون ضرورة اتحاد العلم والدين وتوافقهما. وفي الحقيقة، ان العلم والدين او التمدن والتدين، او التبحر في العلوم وخدمة الله يتحدان ويتفقان في هذه الديانة كمال التوفيق ومنتهى الامتزاج ولا ينفك فيها أحدهما عن الآخر. أما ما يظهر من التضارب والتناقض بينهما فمنشأه عدم فهم حقيقة الدين. وقد وقعت منازعات شديدة بين ما يسمونه بالعلم وما يسمونه بالدين في جميع العصور السابقة، واذا نظرنا بنور اليقين الى أسباب هذه المنازعات نراها ترجع اما الى الجهل او التعصب او ضيق العقل او الغرور او الطمع او العناد. وكما يقول العلامة (هاكسلي) ان الآراء الصحيحة التي قررها الفلاسفة كانت ثمار عقولهم الناضجة بدون أن يوفقوها مع الآراء الدينية السائدة في أيامهم فكان الحق عندهم عبارة عن محبتهم وصبرهم وإنكار ذواتهم وسلامة قلوبهم لا مجرد البراعة المنطقية.
وقد أكد لنا (بول) الرياضي الشهير بأن جميع الاستنباطات والاستنتاجات الهندسية هي في الأصل نتيجة صلاة وابتهال وتضرع من العقل المحدود الى الفيض اللامتناهي للوصول الى ما أرادوا من الشؤون المحدودة، وان أكبر أساطين الدين والعلم لم يكن بينهما في الحقيقة أي نزاع، بل النزاع لم ينشأ الا من أتباع هؤلاء المعلمين العظماء الذين اتبعوا حرفية التعاليم والكتب فبعدوا عن روحها الحقيقية.
اذن يتسنى لنا ان نتصور دون عناء ان العلم والدين الحقيقيين يمكنهما ان يعيشا بكل ائتلاف في ظل هذا الدين العام الذي لا يوجد فيه شئ يتنافى مع العلم والبرهان، وطبقاً للتعاليم البهائية لا يسوغ الاستهانة بالأمور الوجدانية لأي شخص كان. وكل فكر او مبدأ لا يضر بالسلام العام وعالم الانسان فهو مباح مشروع.
وكما انه من غير الممكن للطائر أن يحلق في الفضاء بغير جناحين قويين متكافئين، كذلك لا يمكن للعالم الإنساني العروج والتسامي نحو الرقي والكمال الا بجناحي الدين والعلم وان اتفق وحاول الطيران والتحليق بأحدهما واستغنى به عن الآخر فمصيره الفشل والسقوط لا محال. فالدين الخالي عن العلم لا يلبث ان تتخلله الأوهام والأباطيل والتقليد الأعمى، وكذلك العلم بدون الدين لا بد وان يولد الشقاق والنزاع والحروب الدموية.ولا أيسر على العلم الخالي من التعليم الديني من ايقاد نار لا يطفأ لهبها ولا تخمد شعلتها بواسطة من الوسائط وتعيا كل الحيل عن تلافي أمرها وتدارك ضرها. ومن أمثلة ذلك تلك العلوم المادية الأوروبية الحاضرة ونتائجها من الاختراعات والاكتشافات المدمرة المهلكة التي تهدد العالم بالفناء. وفي ذلك ما يكفي لانتباه الانسان وإدراكه ضرورة الدين وأثره في تعديل الأخلاق وتحسين السلوك والأطوار وضبط المرء ومنعه عن الخروج من جادة الاعتدال. ومن ذلك يتبين بجلاء ان الدين والعلم يتكافآن أهمية ولا يقل أحدهما عن الآخر في ذلك ويثبت ان الواجب لأجل إنارة العالم كل الإنارة والوقوف به على ورد الراحة والهناء هو تلقينه الأمرين كليهما.

المبادئ البهائية التي جاء بها جمال القدم إلى العالم

1 - أساس الأديان واحد:-
ان البهائيين بمقتضى أوامر ونصائح بهاءالله، مؤسس دينهم، يجب عليهم أن يدعوا العالم أجمع الى اعتقاد ديني واحد يأتلف عليه الكل وأن يوحِّدوا أفكار جميع العالم في المسائل الأساسية التي أسسها بهاءالله، وأن يغرسوا من جديد مرة أخرى مخافة الله في قلوب البشر وأن يقووا الايمان والاعتقاد بالمكافأة والجزاء وبقاء الأرواح والحياة الأبدية.
ان البهائيين يعتقدون طبقاً لتعاليم دينهم بحقية جميع الرسل والتعاليم الإلهية الماضية، اذ يرشدهم ذلكم التعليم البديع الى ان كل تعليم إنما يحكم في دائرة محدودة خص بها، وعندما تتم هذه الدورة تتجدد الشريعة بإرادة الله التي يعلنها اذ ذاك على لسان مؤسس جديد. والى أن كل ديانة هي كاملة وافية بوظيفتها كافية لدورتها ومدتها. ومن أصول هذا الاعتقاد أن لا أبدية لشريعة ما من الشرائع، أما ما سقط فيه أهل كل ملة من القول بخلودها فليس الا أمراً خيالياً، اذ ليس في كتاب ما من الكتب السماوية نص ناطق بهذا القول وفضلاً عن تجرده من الأدلة والشواهد، فان في الكتب السماوية دلائل ناطقة بالتجديد واستئناف التشريع.
على ان الواجب على كل بهائي خصوصاً وعلى كل أريب عموماً أن يعتقد بأن النسخ والتجديد لا يمس جوهر الأديان بشيء ما أصلاً، وأن مورد وهدف التحوير والتغيير هو ذلك القسم الثانوي من تعليم الرسول السابق المتعلق بالمعاملات والطقوس والشكل الخارجي ليس إلا.
ان البهائيين يعتقدون بأن أساس جميع الأديان هي تشاريع سماوية وتعزى البهائية كل ما تراه غير موافق للحقيقة من الطقوس والتقاليد العتيقة الى عراقة تلك الملل في القدم فان بتقادم العهد وطول الأمد على تلك الأديان تراكم عليها من العوائد والطقوس والبدع والظنون ما بَعُدَ بذويها ونأى بمعتنقيها عن الجوهر الاصلي بل أخفى ذلك الجوهر وغشاه وأفقده حلاوته وطلاوته.
ومثل هذه الاديان في نظر البهائية مثل ماء نقي صاف عند ينبوعه ولكن لطول مجراه وتمادي امتداده أضحى كدراً وفقد نقاءه الاول لذا لا يوجد من يرضى الاستقاء منه والحالة هذه.
أما القسم الجوهري، وهو الأساس الذي لا يتغير ولا يتبدل في كل شريعة والذي يتصدى كل رسول ونبي لبعثه واحيائه وتنقيته مما علق به بمرور الزمن وإشعال نار الحماس بتجديده في قلوب الناس فهو ذلك الجوهر المتعلق بمعرفة الله سبحانه وتعالى وتوحيده وتفريد ذاته المقدسة والامر بالمعروف والنهي عن المنكر وما فيه خير الناس وسعادتهم في الدنيا وفي العقبى وهذا ثابت قائم موجود في كل شريعة ودين ولا يلحقه التحوير والتغيير.
وعلى هذا أن الانضمام الى الجامعة البهائية ليس فيه مخالفة ولا صعوبة على أي متدين كان، لانها تحترم جميع الاديان وتؤيدها وتعتبر أصولها ومبانيها أساسات إلهية، فليس لمن يعتنقها أن ينكر دينه أو أي دين من الأديان السابقة بل يترتب عليه - طبقاً للتعاليم البهائية - أن يحترمها ويجدد ايمانه واعتقاده بحقيقتها وقدسيتها وبكونها حلقة لا يمكن فصمها من سلسلة الوحي الإلهي المستمر النامي المتطور لهداية الخلق وتربيتهم وهم يرتقون سلم التقدم والرقي في حياتهم البشرية على هذه الارض.

حياة الفرد البهائي كما يصورها عبدالبهاء

حياة الفرد البهائي
كما يصورها عبدالبهاء
"أن لا نكون سبباً في حزن أحد"
"أن نكون رحماء بكل الناس، وأن نحبهم حباً صادقاً"
"أن نحتمل الأذى والاضطهاد. وأن نظهر العطف على الناس وأن نحب العالم في جميع الحالات، وأن نفرح اذا اشتدت بنا المصائب لأن المصائب عين المواهب".
"وأن نصمت عن خطأ غيرنا، وأن نصلي من أجلهم وأن نساعدهم بالمحبة ليصلحوا غلطاتهم".
"أن ننظر الى الحسن لا الى القبيح، فاذا كان لشخص عشر صفات حميدة وصفة واحدة رديئة، ننظر الى الصفات العشر الحميدة وننس الرديئة، واذا كان له عشر صفات رديئة وصفة واحدة حميدة، ننظر الى الصفة الحميدة وننس العشر السيئة".
"لا نسمح لأنفسنا أن نتكلم بكلمة واحدة رديئة عن شخص آخر حتى ولو كان عدواً لنا".
"ان نعمل كل أعمالنا برفق، وأن نكون متواضعين".
"أن ننقطع بقلوبنا عن أنفسنا وعن الدنيا".
" أن يخدم بعضنا بعضاً، وأن نعلم اننا أقل من غيرنا".
"أن نكون نفساً واحدة في أجساد كثيرة، فبقدر حبنا لبعضنا يكون قربنا الى الله ولكن يجب أن نعلم أن حبنا واتحادنا وطاعتنا لا تكون بالقول بل بالعمل".
"أن نكون صادقين وكرماء ووقورين"."أن نكون شفاء لكل مريض، وعزاء لكل حزين، وماء لكل ضمآن، ومائدة سماوية لكل جوعان، ونجماً لكل أفق، ونوراً لكل مصباح، وبشيراً لكل من يشتاق الى ملكوت الله

من آثار بهاءالله

مقتطفات من "الكلمات المكنونة"

"يا ابن الروح"
في أول القول أملك قلباً جيداً حسناً منيراً لتملك ملكاً دائماً باقياً أزلاً قديما.
"يا ابن الروح"
أحب الأشياء عندي الانصاف، لا ترغب عنه ان تكن اليّ راغباً، ولا تغفل منه لتكون لي أميناً، وأنت توفق بذلك ان تشاهد الأشياء بعينك لا بعين العباد وتعرفها بمعرفتك لا بمعرفة أحد في البلاد...
"يا أبناء الانسان"
هل عرفتم لِمَ خلقناكم من تراب واحد؟ لئلا يفتخر أحد على أحد...
"يا ابن الانسان"
لا تـَنـَفَّس بخطأ أحد ما دمت خاطئاً...
"يا ابن الوجود"
لا تشتغل بالدنيا، لأن بالنار نمتحن الذهب، وبالذهب نمتحن العباد...
"يا ابن الوجود"
إن يمسـَّكَ الفقر لا تحزن لان سلطان الغنى ينزل عليك في مدى الأيام، ومن الذلة لا تخف لأن العزة تصيبك في مدى الزمان.
"يا ابن الوجود"
حبي حصني مَـن دخل فيه نجا وأمن، ومن أعرض غوى وهلك.
"يا ابن العماء"جعلت لك الموت بشارة كيف تحزن منه، وجعلت النور لك ضياء كيف تحتجب عنه

حضرة عبد البهاء :مركز العهد والميثاق

" عبدالبهاء "
ولد عباس أفندي الذي لقّب فيما بعد "عبدالبهاء" في يوم 23 مايو سنة 1844م أي نفس اليوم الذي أعلن فيه "الباب" دعوته. ومنذ أن بلغ الثامنة لازم أباه في السجن وشاطره البلاء. لم يدخل المدرسة، ولم يتلق العلم من أحد، ولكنه منذ طفولته كانت تلوح عليه علامات الذكاء والنجابة. وعندما بلغ الخامسة عشرة كتب بإشارة من والده رسالة الى أحد المتصوفين المستفسرين في شرح "كنت كنزاً مخفياً". وظل في حياته يقاسي آلام السجن والنفي والبعد والجوع والتعب بل والأذى وهو صغير حتى وصل الى عكا. وهناك تفشت الملاريا والدوسنطاريا بأتباع "بهاءالله" المسجونين، فقام على خدمتهم والعناية بهم حتى وقع فريسة للمرض الذي كاد يقضي عليه. وكانت طلعته الجذابة، وحنانه وعطفه على الجميع من حبيب وعدو، وعلمه وفضله، وحلاوة بيانه، وندرة صفائه - قد أسرت قلوب الجميع وجعلتهم يتعلقون بمحبته. ولكم استهدف للبلاء حباً في دفع أذية او تعب عن والده، وكم ذاق في سبيل توفير أي نوع من الراحة لأحبائه.
فلما صعد والده في سنة 1892، ألقي عبء الأمر بأكمله على كتفه المثقل. فعصفت من حوله العواصف، وناصبه الأقربون والأعداء العداء، وألقوا من حوله الشبهات، وأشاعوا المفتريات، ودبروا له المكائد، واشتدت عليه الفتن حتى أثارت عليه غضب السلطان عبد الحميد، فأرسلت الحكومة التركية لجاناً للتحقيق على دفعات، وكاد الأمر ينتهي بالقضاء عليه حتما لولا حفظ الله. ولم يكن أمام كل هذه المصائب ليتزعزع او يضطرب، بل كان اطمئنانه قوياً بعون مولاه، وثباته محيراً مدهشاً حتى في نظر أعدائه. ولم تنل كل هذه الأمور شيئاً من استبشاره ومحبته للجميع ومساعدته للفقراء وعنايته بالمساكين الذين كانوا يصطفون أمام منزله كل يوم جمعة لتلقي الصدقات.
فلما تغيرت الأمور بقيام تركيا الفتاة في 1908 وصدر العفو عن المسجونين السياسيين والدينيين، أطلق سراحه، وفي العام التالي مباشرة أي 1909 كان السلطان عبد الحميد مسجوناً. وهكذا بدأ يتنسم نسيم الحرية بعد أربعين سنة قضاها في السجن. وفي أيام والده تزوج وولد له ولد توفي وهو صغير، وعاش له أربعة بنات.
وفي سنة 1911 حضر الى مصر ومنها قام برحلته الأولى الى أوروبا، فزار إنكلترا وفرنسا ثم عاد الى مصر. وفي سنة 1912 قام برحلته الثانية الى أمريكا ومنها الى إنكلترا ففرنسا فألمانيا فالنمسا، ثم عاد الى مصر حيث غادرها الى الارض المقدسة (فلسطين) في ديسمبر سنة 1913. وكانت رحلاته وطوافه بأمريكا وأوروبا سبباً في نشر الدين البهائي في الغرب. واشتغل في مدتها ببيان التعاليم الجديدة، وحل المشكلات الاجتماعية، وشرح الأسس التي يقوم عليها الإصلاح، والشروط التي يتأسس عليها السلام ووحدة العالم الإنساني. وكان يخطب في المساجد والكنائس ومعابد اليهود، وفي النوادي والجمعيات المختلفة داعياً الى المحبة، ومزيلا للفوارق بأنواعها، وكان في كل بلد يؤمها يشيع الفرح الروحاني فيها ويتهافت أهلها على الفوز ببركاته، كما كانت تطبع الجرائد المقالات الضافية عن ابن الشرق الحامل لروح الشرق. وكان ينذر مستمعيه دائما بخطر الحرب وانه لا مرد لها الا بالتمسك بتعاليم الله.
وفي خلال هاتين الرحلتين أقام فترة من الزمن في القاهرة والإسكندرية وبور سعيد، كما زار طنطا والمنصورة وكانت داره تموج في كل وقت بالزوار وأفواج الطالبين من علماء وكتاب وعظماء، كما نشرت كل الجرائد تقريبا الفصول الضافية عن التعاليم البهائية وعن حياته وفضله وعلمه ولطفه، كل ذلك في إعجاب وتقدير عظيم.
وجاءت سنة 1914 فحققت إنذارات "عبدالبهاء" ووقعت الحرب العالمية الأولى، وقطعت بينه وبين العالم الخارجي. فاشتغل كل سنوات الحرب بالعناية بالفقراء، وبزراعة القمح في مزارع قرية العدسية وتوزيع الحبوب على المساكين المحتاجين والاكتفاء لنفسه بالشعير، كما كان يوزع عليهم السكر ويكتفي هو بزبيب العنب والتمر. وعندما انتهت الحرب، وتمت معاهدة الصلح المعروفة بمعاهدة فرسايل هرع محبوه لتهنئته بالسلام، ولكنه ابتسم ابتسامة الحسرة وقال ان هذه المعاهدة تحمل جرثومة الحرب المقبلة ! وفي أواخر أيامه كتب وصيته التي عين بها حفيده شوقي أفندي رباني ليقوم على رعاية الأمر من بعده، وهكذا صان وحدة البهائيين من الانقسام، كما أوجد الحلقة الموصلة بين عهد الرسالة وبين عصر التكوين الذي قام على تنفيذه شوقي أفندي.
وفي يوم 29 نوفمبر سنة 1921 توفي "عبدالبهاء" بسلام وكان مشهده عجيبا سار ساعات يحف به العظماء والعلماء ورجال الدين من جميع الطوائف، والفقراء ينادون "أبونا تركنا"، ودفن في جبل الكرمل بجوار "الباب".
ولقد خلف عبدالبهاء للعالم كنزاً غالياً من آلاف ألواحه التي تناول فيها شرح الأقدس والأحكام، وتوضيح التعاليم، وحل المشكلات، كما ارسل لوحا الى جمعية السلام في لاهاي بيَّن فيه شروط تأسيس السلام الأعظم. وكانت كتاباته باللغات العربية والفارسية والتركية، وترجم جزء منها الى اللغات الاخرى.

كتابات :حضرة بهاء الله

وتعتبر كتابات "بهاءالله" من الكثرة ما تستوقف النظر. وقد تمت كلها وهو في سجنه المتنقل، وبين موج البلايا المتتالي:
كتاب "الإيقان " في شرح أسرار الكتب الإلهية.
كتاب "الأقدس" الحامل للشريعة والأحكام البهائية.
الاشراقات، الطرازات، البشارات، التجليات، الكلمات الفردوسية، الكلمات المكنونة، سورة الهيكل...
أما ألواحه الى الملوك فهي:
سورة الملوك - خطابا لملوك الشرق والغرب.
لوحه الى الملكة فكتوريا، لوحان الى نابليون الثالث، لوح الى اسكندر الثاني قيصر روسيا، لوح الى وليم الأول ملك بروسيا، لوح الى فرنسوا جوزيف إمبراطور النمسا، لوح الى شاه العجم، لوح الى السلطان عبد العزيز، لوح الى علي باشا الصدر الأعظم (رئيس وزراء الإمبراطورية العثمانية).
أما ألواحه الى العالم الديني فهي:
لوح الى البابا بيوس التاسع، لوح البرهان، لوح ابن الذئب لعلماء الإسلام، عدا ألواحه العديدة الى اليهود والزردشتيين وسائر الملل الأخرى.
وبجانب هذه، لوح الدنيا، لوح المقصود، لوح الحكمة، لوح الكرمل، وكلها عامة، هذا عدا آلاف الألواح الى أحبائه.
واشتملت ألواحه الى الملوك على إنذارات لهم، وتحققت كلها، فخرج الملك من يد الأسرة القاجارية في ايران، وقتل السلطان عبد العزيز نفسه وتغيرت الأحوال في تركيا، وحاطت الذلة بنابليون الثالث، وذهب الملك من يد أسرة هابسبورج بالنمسا، واكتوت المانيا بالنار والدمار مرتين كما أنذرها، وتضعضع نفوذ معارضيه، وزال سلطان أعدائه في الوقت الذي أخذت رسالته ترتفع وتثبت.
رسالة بهاءالله
وتدور رسالة بهاءالله حول تحقيق البشارات المقدسة من خلق سموات جديدة وأرض جديدة تتحقق فيها وحدة العالم الإنساني، ويتحقق السلام الأعظم، وتزول الحروب والاختلافات من بين العالم. ولقد جاء في كتابه الأقدس، وكتبه وألواحه الأخرى بالنظم والقوانين والأحكام التي تكفل كل هذا.

بهاء الله :مؤسس الدين البهائي

" بهاءالله "
ولد حسين علي الملقب فيما بعد بـ "بهاءالله" في بلدة نور(1) في اقليم مازندران بايران في 2 محرم 1233هـ (12 نوفمبر 1817) وكان أبوه ميرزا عباس النوري وزيراً في الدولة. فلما توفي كان "بهاءالله" في الثانية والعشرين ورفض منصب الوزارة وانصرف الى تدبير شئون اخوته وأخواته واملاك العائلة الواسعة. ولم يتلق الا قسطاً يسيراً من التعليم في المنزل.
ولما أعلن الباب دعوته في 1260هـ (1844م)، اعتنقها "بهاء الله" ومن ثم قام على ترويجها وإعلانها بكل حماس وقوة. وبعد استشهاد "الباب" صار "بهاءالله" مركز الحركة ومرجعها فتركزت الاضطهادات بدورها فيه. فسجن في سجن طهران المظلم، ثم نفي الى بغداد، واضطرت الحكومة الإيرانية، أمام تيار نفوذه المتدفق، أن تتفق مع الحكومة التركية التي أمرت بنفيه الى استنبول. وصدر أمر النفي في 21 إبريل سنة 1863. ففي هذا اليوم الشديد الذي أحاط فيه البلاء من كل جانب، أعلن "بهاءالله" نفسه انه هو الموعود الذي بشَّر به "الباب" ومكث في اعلان بشاراته لأحبائه الى يوم 2 مايو، أي 12 يوماً، وكان ذلك في حديقة نجيب باشا خارج بغداد(2) أثناء الاستعداد للسفر الى منفاه الجديد. وقد عرفت هذه الأيام بعيد الرضوان الذي يحتفل به البهائيون من كل عام، ومن ذلك التاريخ أصبحت "البابية" تعرف باسم "البهائية"(3).
وكان وصول بهاءالله وعائلته وجمع من أحبائه الى اسطنبول بعد رحلة قاسية مريرة دامت حوالي أربعة شهور.
ولم يمكث "بهاءالله" في اسطنبول الا أربعة شهور أخرى، بعدها صدر الأمر بنفيه ومن معه الى أدرنه، وكانت الرحلة قصيرة ولكنها كانت أشد قسوة بسبب البرد والثلوج وقلة الطعام والملبس.
مكث "بهاءالله" أربعة سنوات ونصف في أدرنه في كرب وبلاء لم يمنعه من اعلان دعوته، ولا منعت سطوة الحكومة من نفوذها. فأرادت أن تتخلص منه وأتباعه نهائياً، وأصدرت أمرها بنفيهم الى مدينة عكا في فلسطين، حيث الهواء والأمراض والسجن لن تلبث أن تقضي عليهم. ويعطينا المقتطف الآتي من لوح "بهاءالله" الى شاه العجم صورة واضحة عما أصابه وما سوف يصيبه: "يا ملك قد رأيت في سبيل الله ما لا رأت عين ولا سمعت أذن. قد أنكرني المعارف وضاق علي المخارف، قد نضب ضحضاح السلامة واصفر ضحضاح الراحة كم من البلايا نزلت وكم منها سوف تنزل، أمشي مقبلاً الى العزيز الوهاب وعن ورائي تنساب الحباب، قد استهل مدمعي الى أن بلَّ مضجعي. وليس حزني لنفسي، تالله رأسي يشتاق الرماح في حب مولاه، وما مررت على شجر الا وقد خاطبه فؤادي يا ليت قطعت لاسمي وصلب عليك جسدي في سبيل ربي، بل بما أرى الناس في سكرتهم يعمهون ولا يعرفون، رفعوا أهوائهم ووضعوا إلههم كأنهم اتخذوا أمر الله هزواً ولعباً ويحسبون أنهم محسنون. وفي حصن الأمان هم محصنون، ليس الأمر كما يظنون، غدا يرون ما ينكرون، فسوف يخرجوننا أولوا الحكم والغناء من هذه الارض التي سميت بادرنة الى مدينة عكاء، ومما يحكون انها أخرب مدن الدنيا وأقبحها صورة وأردئها هواء وأنتنها ماء، كأنها دار حكومة الصدى لا يسمع من أرجائها الا صوت ترجيعه... تالله لو ينهكني اللغب ويهلكني السغب، ويجعل فراشي من الصخرة الصماء، ومؤانسي وحوش العراء، لا أجزع وأصبر كما صبر أولوا الحزم وأصحاب العزم بحول الله مالك القدم وخالق الأمم. وأشكر الله على كل الأحوال، ونرجو من كرمه تعالى بهذا الحبس عتق الرقاب من السلاسل والأطناب، ويجعل الوجوه خالصة لوجهه العزيز الوهاب..."
وفي 31 أغسطس سنة 1868 وصل وعائلته وفريق من أتباعه الى عكا ودخلوا السجن حيث كبار المجرمين من أنحاء تركيا. وكانوا 84 شخصاً بين أطفال وكبار وفشت فيهم الملاريا والدوسنطاريا. وكانت الأوامر مشددة بمنع الدخول والخروج. فكان أتباعه يأتون من ايران وغيرها سيراً على الأقدام ليهنأوا بنظرة واحدة من بعيد الى نافذة "بهاءالله" التي كان يطل منها عليهم في بعض الأحوال، ثم يعودون الى أوطانهم باكين نائحين.
ثم نقل بعد سنتين الى منزل صغير بجوار السجن، وبعد مضي تسعة سنوات في سجن عكا، انتقل الى قصر المزرعة فإلى قصر البهجة خارج البلدة بعدة فراسخ، وهناك نعم براحة وحرية نسبية. وفي سنة 1890م توجه "بهاءالله" الى جبل الكرمل وتردد عليه أربعة مرات وكان يرفع خيمته فوق ذلك الجبل المذكور في التوراة.
ولقد تحدث المؤرخون ومنهم بروفيسور براون المستشرق، وتحدث العظماء والوزراء والعلماء الذين تشرفوا بمحضره في السجن وفي البهجة بأن "بهاءالله" لم يكن يوماً سجيناً، بل كان سلطانه وهيبته وجلاله، ونفوذه، وعظمة خلقه، وغزير علمه وحكمته، وعميم فضله ورحمته، ومحبته العميقة للجميع - كانت كل هذه المحامد والنعوت ترفعه أمام الجميع من أعداء وأحباء الى مرتبة تحن لها الملوك، بل تحسده عليها.وفي الساعة الثالثة والنصف من صباح يوم 29 مايو سنة 1892 صعدت روحه الى بارئها وهو في الخامسة والسبعين من عمره. ولم يرو التاريخ مثالا لتلك المراثي العالية الزاخرة التي تنافس العلماء والكبراء في إلقائها بين يدي ابنه الأكبر "عبدالبهاء". وكان آخر ما صدر من قلم "بهاءالله" "لوح العهد" الذي فيه عيَّن "عبدالبهاء" من بعده مروجاً لتعاليم الله، والذي به حفظ أتباعه من الانقسام الذي حدث في جميع الأدوار السابقة

كتابات : حضرة الباب

كتابات "الباب"
وكانت كتابات "الباب" كثيرة أتم معظمها وهو بين جدران السجون في القلاع الخربة. فبجانب كتابه "البيان" الذي شرّع فيه الأحكام اللازمة لدورته القصيرة، يوجد "قيّوم الأسماء" و "صحيفة بين الحرمين" و "كتاب الروح" و "الخصائل السبعة" و "الدلائل السبعة" وتفسير سورة "الكوثر" وتفسير سورة "والعصر" وغيرها من الرسائل والألواح للشاه والعلماء. وتركزت كلها حول رفع الأوهام والخرافات التي كانت سائدة بقوة، وإزالة الفروق الدينية واصلاح الحالة الاجتماعية التي بلغت من الفساد حداً لا يتصوره عقل. وأما رسالته الأساسية فقد كانت في التمهيد لظهور "بهاءالله" الذي كان يشير اليه في كتبه ورسالاته بإشارة "من يظهره الله".

حضرة الباب :المبشر بالدين البهائي

" الباب "
ليس القصد من هذه الورقات ذكر التاريخ مفصلاً ولكن المقصود إلمامة عابرة لا بد منها. ففي أول محرم سنة 1235هـ الموافق 20 اكتوبر 1819، ولد في شيراز في جنوب ايران السيد علي محمد الذي لقب نفسه بـ "الباب" عند إعلان دعوته.
وكان من السلالة النبوية اذ ينحدر أباً وأماً من فاطمة الزهراء ومن ذرية الإمام الحسين. وكان لا يزال في دور الفطام عندما توفي أبوه فكفله خاله. واقتصر تعليمه وهو بين الخامسة والسادسة على مبادئ القراءة والتعليم الأولى العادي للأطفال، وعندما بلغ الخامسة عشر اشتغل في التجارة مع خاله في شيراز، ثم مع خاله الثاني في بوشهر على الخليج الفارسي. وفي الثانية والعشرين تزوج وولد له ولد توفي صغيراً قبل اعلان دعوته بسنة. وتتجلّى روح الفداء في صلاته على جثمان ولده في مناجاته التي يقول فيها "إلهي إلهي امنحني فضل سفك دمي وفداء حياتي في سبيلك، واجعله يروي وينبت بذور دينك، واشمله بقوتك السماوية حتى ينمو ذلك البذر الجديد في قلوب الرجال، وينتعش ويعظم الى أن يصير شجرة كبيرة وتجتمع وتستظل الأمم والأقوام تحت ظلها. فأجب يا إلهي دعائي، وأتمم مراد قلبي، إنك أنت القوي الكريم".
ولما بلغ الخامسة والعشرين أعلن انه "الباب" الذي اختاره الله ليبشر الناس بيوم الله الموعود الذي سوف تشرق شمسه بطلوع "من يظهره الله" وكان يشير الى بهاءالله.
ولقد اجمع المؤرخون على اختلاف أجناسهم وميولهم على سمو أخلاقه وعالي صفاته. فقد جاء في كتاب "السيد علي محمد الباب" لنقولاس "أن الباب كان كثير الصمت مع أن هيكله الجميل ونور محياه وسكون ذاته كان يجذب أنظار مواطنيه. ومن صغره كانت المسائل الدينية تجذبه بقوة. وفي سن 19 كتب أول كتاب له وهو الرسالة الفقهية واظهر فيها تقواه..." وجاء في كتاب لمحات عن الحياة في ايران للسيدة شيل "كان الباب وسيم الطلعة حليماً مهاباً ساكناً، زائد الفصاحة والبلاغة، وسريع الكتابة" وجاء في كتاب "العقيدة والشريعة في الإسلام" للمستشرق اجنتس جولد تسيهر المطبوع بدار الكاتب المصري بالقاهرة سنة 1946 بالصفحة 241 "وقد شهد له أصحابه بسبب مواهبه الفائقة وحماسته المتقدة بأن العناية الإلهية قد اصطفته لغاية سامية".
وأول من آمن بدعوته كان شاباً يدعى ملا حسين بشروئي وكان ممن تلقوا العلم من الشيخ احمد الاحسائي ومن بعده السيد كاظم الرشتي الذين كانا يعدان النفوس لظهور الموعود. ولم يكد يمضي اربعون يوماً حتى بلغ عدد من آمن بدعوة "الباب" 18 شخصاً لقّبهم بحروف "الحي" وذلك بحساب الجمل (ح=8 + ي=10 = 18). وجميع هؤلاء كانوا من العلماء الذين تفرقوا للبحث عن الموعود، وأقبلوا اليه بطرق متنوعة، منهم بالسعي، ومنهم بالرؤيا، ومنهم بالإلهام. وكان من بين هؤلاء الحروف سيدة هي الأولى من بنات جنسها التي أقبلت الى الدعوة الجديدة، والوحيدة ايضا بين حروف الحي التي لم تتشرف بمحضر "الباب" ولقد لقّبت بـ "قرَّة العين" والطاهرة. وكانت دون الثلاثين، شاعرة، سليلة بيت عريق في العلم، ذات ذكاء نادر وبلاغة ساحرة، وحجة ناطقة حتى وصفها البروفيسور براون المستشرق بقوله: (إن ظهور امرأة مثل الطاهرة في أي بلد وفي أي عصر هي حالة نادرة او حدث نادر، لكن ظهورها في بلد مثل ايران فهو إعجوبة، لا بل انه معجزة تماما. ومثلما كانت في عفتها وجمالها الرائع ومواهبها العقلية الفذة وفصاحتها المتوهجة وايمانها الشجاع واستشهادها المجيد، كان وقوفها نادراً ليس لها مثيل بين نساء بلادها وبقيت ذكراها خالدة الى الأبد. إن كان ليس لدين الباب من إدعاء عظيم، فيكفيه انه أظهر بطلة مثل قرة العين "الطاهرة")
وبعد أن كمل عدد أتباعه 18 توجه "الباب" الى الحجاز لأداء فريضة الحج، فوصل مكة المكرمة في ديسمبر سنة 1844، وأعلن دعوته على جم غفير من الحجاج. ثم عاد الى بوشهر وكانت دعوته قد ذاعت وشاعت في البلاد بسبب ما قام به هؤلاء الأتباع من النشاط والقوة والحماس في إبلاغها الى الأقاليم التي تفرقوا فيها عملاً بتعليمات سيدهم، ومن جهة أخرى كان سريان الدعوة، وإقبال الناس عليها سبباً في إثارة سخط رجال الدين من أهل الشيعة، فقد رأوا فيها خطراً شديداً يهدد العقائد والنظم القائمة في البلاد، ويقلل من سلطانهم، ويذهب بنفوذهم، فتقدموا الى حسين خان حاكم فارس وكان مستبداً ومتعصباً، وأقنعوه بضرورة وضع حد لهذه الحركة، وقمع هذه البدعة. ومن ثم أخذت الأحوال تضطرب، وحوادث الاضطهادات والتعذيب والمحاكمات والسجن تتوالى على "الباب" وأتباعه، على أن وسائل القمع التي ارتكبت، مع ما اتسمت به من طابع القسوة والوحشية النادرة، لم تنجح في وقف تيار الدعوة ولا في تخويف أتباعها، بل بالعكس ضاعفت من اشتعال النار في قلوب هؤلاء الأتباع، وجعلتهم يتسارعون لنيل السبق في سبيلها، مما جعل السلطات تفكر في التخلص من رأس الحركة عسى بموته تهدأ الأمور.
ففي 9 يوليو 1850م اقتيد "الباب"، وكان عمره إذ ذاك 31 سنة ومعه أحد أتباعه "أقا محمد علي" الذي رجا وألح على سيده أن يقبله معه، الى ميدان تبريز الحربي حيث أعدت فرقة من الجنود لتنفيذ حكم القتل.
ثم ربطوهما بالحبال في وضع كان رأس أقا محمد علي على صدر سيده وعلقوهما أما عشرات الآلاف من الجماهير المتفرجة. فلما كان الظهر صدر الأمر بإطلاق النار وأخذوا الجثتين وطرحوهما في خندق، ثم تمكن البابيون بعد ذلك من الحصول على هاتين الجثتين وإخفائهما سنوات حتى سمحت الأحوال بدفنهما في سفح جبل الكرمل.
واتفق المؤرخون من محبين وأعداء على حصول أعجوبة وقت تنفيذ إعدام "الباب". فان الفراش باشى الذي ذهب لإحضاره ورفيقه من غرفة السجن وجده مشغولا بإملاء بعض كتابات على أحد أتباعه. فلما أصر الفراش باشى على اقتياده قال ان عمله لم يتم بعد، وإنه لا توجد قوة في الارض تحول بينه وبين إتمامه، وفي طريقه الى الساحة تقدم اليه سام خان قائد الفرقة المنوط بها التنفيذ، وكان مسيحياً، ورجا من "الباب" أن يصفح عنه في عمل لا يد له فيه، وأجابه "الباب" بأنه إن كان صادقاً فإن الله سيعفيه من عمله.
فلما ربطوهما وأطلق الجند رصاصهم، وأنكشف الدخان، كانت دهشة الجماهير بالغة عندما رأوا الحبال مقطعة ورفيق "الباب" واقفاً، أما "الباب" فلم يكن موجوداً، فأخذتهم حمى الذهول وبحثوا عنه فوجدوه في نفس غرفة السجن يملي على ذلك التابع. فلما جاءوا ليقتادوه الى الساحة قال الآن أتممت عملي، ولكم أن تفعلوا بي ما تشاؤون. وهناك أعادوا رباطهما ورفض سام خان إصدار الأمر لفرقته بإطلاق الرصاص مرة ثانية، فأحضروا فرقة أخرى ونفذت حكم الإعدام.
ويقدر المؤرخون عدد من قتلوا من البابيين بالتعذيب والتنكيل يربو على الثلاثين ألفاً في سنوات معدودة. ويجمع المؤرخون أيضاً على أن ما حل بالبابيين والبهائيين، يعتبر مصدراً جامعاً حافلاً يستمد منه مؤرخو الأجيال قصة الاضطهاد الديني في التاريخ.
كتابات "الباب"وكانت كتابات "الباب" كثيرة أتم معظمها وهو بين جدران السجون في القلاع الخربة. فبجانب كتابه "البيان" الذي شرّع فيه الأحكام اللازمة لدورته القصيرة، يوجد "قيّوم الأسماء" و "صحيفة بين الحرمين" و "كتاب الروح" و "الخصائل السبعة" و "الدلائل السبعة" وتفسير سورة "الكوثر" وتفسير سورة "والعصر" وغيرها من الرسائل والألواح للشاه والعلماء. وتركزت كلها حول رفع الأوهام والخرافات التي كانت سائدة بقوة، وإزالة الفروق الدينية واصلاح الحالة الاجتماعية التي بلغت من الفساد حداً لا يتصوره عقل. وأما رسالته الأساسية فقد كانت في التمهيد لظهور "بهاءالله" الذي كان يشير اليه في كتبه ورسالاته بإشارة "من يظهره الله".

الدات الالاهية في المفهوم البهائي

* المفهوم البهائي للذات الإلهية من هو الله الذي تحدث عنه جميع الرسل عبر التاريخ؟ فكما جاء في التعاليم البهائية فان الله العلي القدير هو فوق إدراك المخلوقات كافة وانه منذ الأزل لم يستطع الإنسان أن يرسم له في ذهنه صورة واضحة، سبحانه عما يصفه الناس سوی الإقرار بعظمته وجلاله. وحينما نقول بان الله قوي وقدير وانه عزيز وعادل فان هذه الكلمات راجعة إلی تصور الناس المحدود للقوة والقدرة والعزة والعدالة. في الواقع إن علم الإنسان عن أي شيء محدود بالصفة والكيفية الظاهرة منه. يقول حضرة عبد البهاء بهذا الخصوص: "اعلم إن العرفان علی قسمين: معرفة ذات الشيء ومعرفة صفاته ومعرفة الذات تكون بمعرفة الصفات ليس إلا حيث إن الذات مجهولة غير معلومة ولما كانت معرفة الأشياء بالصفات لا بالذات وهي مخلوقة محدودة فكيف إذا يمكن معرفة حقيقة الذات الإلهية وهي غير محدودة . . . . لهذا فمعرفة الله عبارة عن إدراك الصفات الإلهية وعرفانها لا إدراك الحقيقة الإلهية ومعرفة الصفات أيضا ليست معرفة مطلقة بل إنما تكون بقدر استطاعة الإنسان وقوته"(۱). وعلی ذلك فان معرفة الله بالنسبة للإنسان يعني معرفة الصفات والكمالات الإلهية وليس معرفة ذاته وكينونته. ولكن كيف نستطيع معرفة صفات الله وكمالاته؟ ذكر حضرة بهاء الله بان جميع ذرات الكائنات هي من صنع الله تبارك وتعالی وتعكس بعضا من صفاته. مثلا يمكن مشاهدة النظام البديع للخالق حتی في تكوين الصخرة أو البلورة. فكلما كان الصنع صافيا ونقيا كلما اصبح اكثر قدرة علی عكس الصفات الإلهية. ونظرا لان مظاهر أمر الله والرسل يعتبرون اكمل المخلوقات وأعلاهم رتبة ومقاما فانهم يستطيعون إعطاءنا العرفان الإلهي الكامل والصحيح. يقول حضرة بهاء الله: "كل ما هو موجود في السموات والأرض هو محل لبروز الصفات والأسماء الإلهية حيث إن في كل ذرة نشاهد آثار تجلي تلك شمس الحقيقة . . . ونشاهدها في أعلی تجليها في حقيقة الإنسان . . . وفيه كنزت جميع الصفات والأسماء الإلهية وبها تميّز عن باقي المخلوقات. أمّا اكمل البشر وأفضلهم وإلطفهم فهم مظاهر شمس الحقيقة حيث أن الكل موجودون بإراداتهم ويتحركون بفيض عناياتهم وألطافهم"(۲). بالرغم من ان الصخرة أو الشجرة تحكي عن الخالق جل وعلا ولكن الإنسان وهو الوجود الوحيد المدرك، قادر علی أن يعكس الصفات الإلهية في حياته وفي وأفعاله. وحيث أن الأنبياء والرسل هم في مرتبة الكمال، فان من حياتهم نستطيع أن ندرك معنی أعمق للصفات الإلهية المتجلية فيهم. فالله سبحانه وتعالی لا يوصف ولا يحدد ولا يجسد بهيكل جسماني ولهذا لا يمكن رؤيته أو تشخيصه. ان الطريق لمعرفة الله والتقرب إليه هو عن طريق معرفتنا للمظاهر الإلهية والرسل ومطالع الحقيقة. يقول حضرة بهاء الله حول هذا الموضوع: "قل إن الغيب لم يكن له من هيكل ليظهر به انه لم يزل كان مقدسا عما يذكر ويبصر. . . إن الغيب يعرف بنفس الظهور والظهور بكينونته لبرهان الأعظم بين الأمم"(۳). في فقرة أخری مشابهة قال حضرته: "إن سبيل الكل إلی ذات القدم مسدود وطريق الجميع مقطوع. محض الفضل والعناية اظهر الله من بين الناس شموسا مشرقة من أفق الاحدية واعتبر عرفان هذه النفوس المقدسة هو عرفان ذاته"(٤). ومن الطبيعي ان الذين رافقوا الرسول في حياته كانت لهم فرصة لقائه مباشرة. ولذلك وضح لنا حضرة بهاء الله بان الارتباط الرئيسي بين الإنسان وخالقه يكون من خلال الآثار والكلمات النازلة من الأنبياء والمرسلين والمظاهر الإلهية. يعتبر البهائيون الكلمات المنزلة من هذه النفوس المقدسة هي كلمات الله وعليه يجب أن نتوجه إلی هذه الكلمات يوميا من اجل التقرب إلی الله العلي القدير والحصول علی معرفة عميقة عنه سبحانه وتعالی. إن الكلمات المنزلة الإلهية هي الوسيلة لخلق الإحساس بتواجد الحق تبارك وتعالی في حياتنا يوميا. يقول حضرة بهاء الله: "قل إن دليله نفسه ثم ظهوره ومن يعجز عن عرفانهما جعل الدليل له آياته وهذا من فضله علی العالمين وأودع في كل نفس ما يعرف به آثار الله ومن دون ذلك لم يتم حجته علی عباده ان انتم في أمره من المتفكرين"(٥). ولهذا السبب فان حكم تلاوة آيات الله يوميا والصلاة والتفكر ودراسة الآثار المقدسة يعتبر جزءا هاما من حياة البهائيين الروحية. فهم يشعرون بأنه من أهم الطرق نحو التقرب إلی خالقهم. دعونا نجمل القول بأن وجهة النظر البهائية حول الله بأنه ذلك الغيب المنيع الذي لا يدرك. أما صفاته وكمالاته فقد تجلّت كاملة في رسله ومطالع شمسه(٦). ونظرا لأن معرفتنا بأي شيء محصورة بمعرفتنا بصفاته فان علم مشارق الوحي والمرسلين يعتبر (للبشر العاديين) معادلا للعلم الإلهي(٧). بتغبير عملي آخر، فان هذه المعرفة تحصل بالدراسة والدعاء والصلاة والتأمل وتطبيق المبادئ والأحكام التي جاءت في الكلمة الإلهية أي الآثار الصادرة عن الأنبياء والرسل ومشارق الوحي. ________________________________________________ (۱) من كتاب "من مفاوضات عبد البهاء" - ص١٦١ - ١٦٢ (من منشورات دار النشر البهائية في بلجيكا - ۱۹۸۰)(۲) من كتاب "منتخباتي" Gleanings ص ۱۱۷.(۳) من كتاب "منتخباتي" Gleannings ص ۳۹۰(٤) المصدر السابق - ص ٤٠(٥) المصدر السابق - ص ٧٥(٦) في هذا الخصوص تحدث حضرة ولي أمر الله (شوقي أفندي) عن ظهور حضرة بهاء الله بأنه "الظهور الكلي والشامل للأسماء والصفات الإلهية" - راجع كتاب World Order of Baha'u'llah ص ۱۱۲.(٧) حول هذا الموضوع قال حضرة عبد البهاء: "اعلم إن حقيقة الألوهية وكنه ذات الاحدية تنزيه صرف وتقديس بحت، يعني منزه ومبرأ عن كل نعت . . . غيب منيع لا يدرك وذات بحت لا يوصف لان الذات الإلهية محيطة وجميع الكائنات محاط ولا شك إن المحيط اعظم من المحاط . . . السبيل مسدود والطلب مردود . . . ولكن جميع الأوصاف و المحامد والنعوت راجع إلی هذه المظاهر المقدسة يعني إن كل ما نذكره من الأوصاف والنعوت والأسماء والصفات يرجع إلی تلك المظاهر الإلهية أما حقيقة الذات الإلهية فلم يعرف كنهها أحد حتی يشار إليها بإشارة أو بيان". (من مفاوضات عبد البهاء ص ٩٥ - ٩٦). من كتاب: الدين البهائي - بحث ودراسة - صفحة ١٨٩-۱۹۲تأليف دوغلاس مارتـن ووليام هاتـشرترجمة عبد الحسين فكريالطبعة الأولی - أيلول ۲۰۰۲م

الخميس، 14 مايو 2009

تحقيق الوعود الاهية في رسالة حضرة بهاء الله

حقيق الوعود الالاهية فى الكتب البهائية لم تكن الغاية من رحلة حضرة بهاء الله هى ان نبكى عندما نعرفها او نقرأها. بل كانت الغاية اسمى من ذلك فقد بينها حضرة بهاء الله عندما قال ((قد قيد جمال القدم لإطلاق العالم وحبس فى الحصن الأعظم لعتق العالمين)) فقد كانت رحلة حضرة بهاء الله كلها مشقة وذل وهوان على الناس ولكن برغم هذه الذلة والمهانة الا اننا تعودنا ان فى كل ظهور دائما ما يعترض عليه الورا ويقومون عليه بكل همتهم ليقضوا على رسالته وهنا يتبين لنا ان كان حق من عند الله برغم تقيده ينتشر للبشرية وينشر نفحاته فى كل العالم. وإن كان من عند غير الله فانه يزهق ولا شك فى ذلك تعالوا اليوم نعرف مبادىء حضرة بهاء الله التى اتى بها منذ مائة وستة وستون عام وما نشهده اليوم من تحقيق ما بشرنا به من مبادئه هناك نص لحضرة بهاء الله فى لوح الرئيس يلفت انتباهنا نحوه وقد يتعجب الكثير من هذا النص ألا وهو ((قل قد جاء الغلام ليحيي العالم ويتحد من على الأرض كلها. سوف يغلب ما أراد الله وترى الأرض جنة الأبهى)) فعندما ننظر اليه نسأل انفسنا سؤال واحد وهو كيف سيتحد العالم؟ هل سيتحد على هذا الامر؟ هل سيتحد تحت ظل الشريعة البهائية؟ لكن هناك نص اخر يجيب عن هذا السؤال يقول ((إن ربكم الرحمن يحب أن يرى من في الأكوان كنفس واحدة وهيكل واحد أن اغتنموا فضل الله ورحمته في تلك الأيام التي ما رأت عين الإبداع شبهها طوبى لمن نبذ ما عنده ابتغاء لما عند الله نشهد أنه من الفائزين.)) وهذا فى منتخبات من اثار حضرة بهاء الله اذا قد يتفهم من النص ان البشرية كلها ستؤمن بهذا الامر المبارك والجميع سيصبحون بهائيين ولكن ما دام الجميع سيصبحون بهائيين لما خيرهم الله فى الدين؟ انه قد قال ((إنما ننصحكم لوجه الله إن أقبلت لنفسك وإن أعرضت إن ربك غني عنك وعن الذين اتبعوك بوهم مبين)) الكتاب الاقدس لكن حقيقة الاتحاد فى هذا الظهور هو اتحاد العالم على المبادى فى هذا الامر وليس اتحادهم على دين واحد هلموا نأخذ مثل على سبيل المثال لا الحصر مما نشهده فى عالمنا الان وما ابلغنا به حضرة بهاء الله عندما قال حضرة بهاء الله انه سيحدث اتحاد وإحياء للعالم وسيغلب الله ما اراده فهذا حق لان حضرة بهاء الله من أهم المبادىء التى نادى بها منذ مائة ستة وستون عام مبدأ مساواة المرأة والرجل حيث تفضل قائلا ((تعالى وتعالى من رفع الفرق ووضع الاتفاق، تباهى تباهى من أخذ الاختلاف وحكم بالاثبـات والائـتلاف لله الحمد بما ازال القلم الاعلى الفروقات ما بين العباد والاماء ووضع الجميع في صقع واحد بالعناية الكاملة والرحمة الشاملة. لقد قطع ظهر الظنون بسيف البيان ومحا مخاطر الاوهام بقدرته الغالبة القوية. - "مائدة آسماني"، المجلد الثامن، ص٥٢-٥٣)) فقد تبين من النص ان الله فى هذا الظهور اراد مساواة المرأة والرجل وعبر عن ذلك بقوله ((إن الإنسانية كالطائر ذي الجناحين أولهما الذكر والآخر الأنثى، وما لم يكن الجناحان قويين تحركهما قوة واحدة فإن الطير لا يقدر أن يطير نحو السماء. فتبعاً لروح هذا العصر يجب أن تتقدم النساء ليتممن رسالتهن في الحياة، ولهذا يجب أن يتساوين مع الرجال. إن أحد تعاليم حضرة بهاءالله المهمة هو أن تصبح النساء في مستوى واحد مع الرجال، وأن يتمتعن بحقوق وامتيازات وفرص مساوية لحقوق الرجال وفرصهم وامتيازاتهم... والآن يجب على النساء أن يمضين في التقدم وأن يوسعْن معلوماتهن في العلوم والآداب والتاريخ لأجل إكمال الإنسانية. فعن قريب سوف ينلن حقوقهن، ويعلم الرجال أن النساء جادّات في عملهن ويحافظن على كرامتهن ويترقين في الحياة السياسية والمدنية. ويقفن حجر عثرة في سبيل الحرب ويطالبن بحقوق الانتخاب والمساواة في كل الامتيازات التي يتمتع بها الرجال. - "مختصر المبادئ البهائية"، الطبعة الرابعة، نيسان ١٩٩٧، ص٣٥-٣٦)) فقد نادى الامر بهذا المبدأ منذ مائة ستة وستون عام وتجد الان فى عصرنا الحديث ان العالم كله بجميع اعراقه واجناسه واديانه ينادون بمساواة المرأة والرجل وكأن حضرة بهاء الله كان ينظر للمستقبل فى زمانه ويبلغنا بما سيحدث للبشرية وهناك مبدأ اخر وهو الوحدة بين جميع البشر حيث تفضل قائلا ((يا أهل العالم إنكم أثمار شجرة واحدة وأوراق غصن واحد اسلكوا مع بعضكم بكل محبة واتحاد ومودّة واتفاق . قسماً بشمس الحقيقة إن نور الإتفاق يضئ وينير الآفاق. - منتخبات من آثار حضرة بهاءالله, ص ١٨٤)) وتفضل فى موضع اخر قائلا ((يا أبناء الإنسان! هل عرفتم لِمَ خلقناكم من تراب واحد لئلا يفتخر أحد على أحد وتفكروا في كل حين في خلق أنفسكم إذاً ينبغي كما خلقناكم من شيء واحد أن تكونوا كنفس واحدة بحيث تمشون على رجل واحدة وتأكلون من فم واحد وتسكنون في أرض واحدة حتى تظهر من كينوناتكم وأعمالكم وأفعالكم آيات التوحيد وجواهر التجريد هذا نصحي عليكم يا ملأ الأنوار فانتصحوا منه لتجدوا ثمرات القدس من شجر عز منيع. - "الكلمات المكنونة"، حضرة بهاءالله)) وتفضل ابنه الارشد عبد البهاء بتصوير البشرية وجمالها فى الاتحاد بقوله ((لاحظوا أزهار الحدائق على الرغم من اختلاف أنواعها وتفاوت ألوانها واختلاف صورها وأشكالها ولكن لأنَّها تسقى من منبع واحد وتنتعش من هبوب ريح واحد وتترعرع من حرارة وضياء شمس واحدة فإنَّ هذا التنوع والاختلاف سبب لازدياد جلال وجمال أزهار الحدائق… أمّا إذا كانت أزهار ورياحين الحديقة وأثمارها وأوراقها وأغصانها من نوع ولون واحد ومن تركيب وترتيب واحد فلا معنى ولا حلاوة له، أمّا إذا اختلفت لوناً وورقاً وزهراً وثمراً، فإنَّ في ذلك زينة وروعة للحديقة وتكون في غاية اللطافة والجمال والأناقة. وكذلك الأمر بالنسبة لتفاوت وتنوع أفكار وأشكال وآراء وطبائع وأخلاق العالم الإنساني فإنْ جاءت في ظل قوة واحدة ونفوذ واحد فإنَّها ستبدو في غاية العظمة والجمال والسمو والكمال. واليوم لا يستطيع أي شيء في الوجود أن يجمع عقول وأفكار وقلوب وأرواح العالم الإنساني تحت ظل شجرة واحـدة سوى القوة الكلية لكلمة الله المحيطة بحقائق الأشياء. - مكاتيب عبدالبهاء، الجزء الأول، ص ۳۱٨-۳۱٩)) والان تجد العالم كله يتحد ولابد انك قد سمعت عن الوحدة العربية وتوحيد العملة فى اوروبا والاتحاد الاوروبى وما الى ذلك تجد ان العالم يسعى للاتحاد والأئتلاف والوئام فقد اوردنا تلك الامثلة على سبيل المثال لا الحصر ولابد ان البقية أتية لا شك لانه قد قال ((لعمري سوف نطوي الدنيا وما فيها ونبسط بساطاً آخر انّه كان على كلّ شيء قديراً. - منتخبات من آثار حضرة بهاءالله، ص ٢٠٠))

الجديد في الدين البهائي

جوابا على الاخت العزيزة suna_belحول الجديد في الدين البهائي؟ بالنسبة الى سؤالك عمّا هو جديد في الدين البهائي: باختصار، فإنّ كل شيء جديد! إذ يعتقد البهائيون أنه مع مجيء كل مظهر من مظاهر أمر الله، تُطوى الدنيا وما فيها، ويُبسَط محلَّها بساطٌ آخر. هذا بشكلٍ عامّ، ولكن على وجه الخصوص، فإنّ الدين البهائي أتى فيما أتى به بالمبادئ التالية (على سبيل المثال، لا الحصر): ١) مبدأ استمرارية الهداية الإلهيّة للبشر من غير انقطاع، وذلك عن طريق مظاهر أمر الله، الذين ظهروا تَترَى من قديم الزمان ، وسوف يستمرّون في الظهور ما دام الإنسان باقياً على وجه هذه الأرض. " غُلّت أيديهم ولُعِنوا بما قالوا، بل يداه مبسوطتان. " ٢) إبطال فكرة النجاسة الدينية، خاصّة بالنسبة الى أقوامٍ وأجناسٍ مختلفة. يقول حضرة بهاءالله في كتابه الأقدس: "قد انغمست الأشياء في بحر الطهارة في اوّل الرضوان إذ تجلّينا على من في الإمكان بأسمائنا الحسنى وصفاتنا العليا هذا من فضلي الذي أحاط العالمين." ٣) إبطال الرِقّ، وذلك لأوّل مرةٍ في تاريخ الأديان: يقول حضرة بهاءالله في الكتاب الأقدس: "ليس لعبدٍ أن يشتري عبداً نهياً في لوح الله: كذلك كان الأمر من قلم العدل بالفضل مسطوراً" ٤) إبطال مؤسّسة الكهنوت، وما شابه ذلك من نُظُمٍ مختلفة تسود فيها آراء وعقائد فئة معينة من الرجال المميَّزين الذين هم عالة على المؤمنين والمجتمع بشكلٍ عامّ. لا يوجد في الدين البهائي فئة كهذه، ويحقّ لكل فردٍ أن يتوصّل الى فهمه الخاصّ لمغزى أيّ فقرةٍ من فقرات الأواح والأسفار المقدّسة البهائيّة ضمن الأُطُر العامّة التي وضعها حضرة عبد البهاء وحضرة شوقي أفندي، ألا وهما المبَيِّنانِ المنصوصان لكتابات الدين البهائي. ٥) رَفعُ حكم السيف، أي إبطال فكرة "الحرب المقدّسة"، وهذا التحريم لم يسبق له مثيل هو الآخر في تاريخ الأديان، إذ إنّ السيّد المسيح قد قال مثلاً: "لا تظُنّوا أنّي جئت لأرسي سلاماً على الأرض. ما جئت لأرسي سلاماً، بل سيفاً." هذا، وقد أصدرحضرة بهاءالله هذا الحكم في اوّل يوم من الرضوان، ممّا يُبرِز أهمّيّيته في الدين البهائئ، كما يعيد ويأكّد حضرته في أثاره المقدسّة: "أن تُقتَلوا خيرٌ لكم من أن تَقتُلوا." ٦) يوجد ما يسمَّى بال" قاعدة الذهبيّة" (أي: "لا ترضوا للآخرين ما لا ترضون لأنفسكم") بصياغات مختلفةٍ في جميع الديانات السماوية بدون استثناءٍ؛ ولكن يُكلّّف حضرة بهاءالله أتباعه بأن يفضِّلوا الآخرين على أنفسهم، قائلاً في أحد ألواحه بأنّ ذلك هو المعنى الحقيقيّ لمفهوم ال"مؤاساة". ٧) يفسّر لنا حضرة بهاءالله أنّ لكل دورٍ يمرّ به العائلة البشريّة احتياجاتِه الخاصّة به، وأنّ لكلّ مرحلةٍ من مراحل تطوّر الحضارة الإنسانية مشاكلَها وأمراضَها الخاصّة بها ... كما أنّ للإنسانيّة في كلّ هذه الأدوار والمراحل علاجها الذي وحده الحكيم الإلهي على علمٍ تامٍّ به. أمّا العصر الحاضر، فيَجزِم حضرة بهاءالله بأنّه زمان بلوغ العالم، وأوان اتحاد واتفاق بني البشر في أسرة عالمية كبرى، تُحقّ لكل فردٍ منها حقَّه كاملاً؛ توُفِّر له جميع حاجاته؛ وتَضمَن له حياةً كريمة ذات سلامٍ وأمان. حتّى نستطيع أن نقول بأنّ هذه الوحدة الشاملة، التي تحتضن وتعتنق كل الناس بدون استثناء، هي مِحوَر الدين البهائئ، ولُبّه وأساسه المتين. "ليس الفخر لحُبّّكم أنفسَكم، بل لحُبّكم أبناءَ جِنسِكم." ٨) وانسياقاّ مع هذا المبدأ، فلأنّ سوء التفاهمات من أقوى وأخطر أسباب النزاعات والصراعات والحروب في العالم، فقد أكّد حضرة بهاءالله على ضرورة اختيار لغةٍ عالميةٍ واحدة، تُستَعمل جنباً الى جنبْ مع لغة الشخص الأُمّ. "يا أهل المجالس في البلاد! اختاروا لغةً من اللغات ليتكلّم بها من على الأرض وكذلك من الخطوط. إنّ الله يبيّن لكم ما ينفعكم ويغنيكم عن دونكم. إنّه لهو الفضّال العليم الخبير." ٩) إعلان مساواة الجِنسيَن، وذلك ايضاً لأوّل مرّةٍ في تاريخ الأديان، حيث يقول حضرة بهاءلله مِراراً في ألواحه المقدّسة بأنّ النساء في هذا الدور "يُحسَبن من الرجال" – بمعنى أنّهنّ مساوياتٌ في القيمة الإنسانيّة للرجال في عيني الله. وليس ما تقدّم إلا غيضاً من فيض التعاليم البهائية الجديدة والبديعة والتي لم يسبق لها مثيلٌ في كل مجالٍ من مجالات الحياة المتنوّعة الدين البهائي :